[ ص: 114 ] قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور
إعادة الأمر بالقول للاهتمام الخاص بهذا الكلام ; لأن ما قبله إبطال لاستحقاق آلهتهم العبادة . وهذا إظهار لمزية المؤمنين بالله على أهل الشرك ، ذلك أن قوله (
قل من رب السماوات والأرض قل الله ) تضمن أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى إفراد الله بالربوبية وأن المخاطبين أثبتوا الربوبية للأصنام فكان حالهم وحاله كحال الأعمى والبصير وحال الظلمات والنور .
ونفي التسوية بين الحالين يتضمن تشبيها بالحالين وهذا من صيغ التشبيه البليغ .
و ( أم ) للإضراب الانتقالي في التشبيه ، فهي لتشبيه آخر بمنزلة أو في قول
لبيد :
أو رجع واشمة أسف نؤورها
وقوله تعالى (
أو كصيب من السماء ) . وأظهر حرف ( هل ) بعد أم ; لأن فيه إفادة تحقيق الاستفهام . وذلك ليس مما تغني فيه دلالة أم على أصل الاستفهام ولذلك لا تظهر الهمزة بعد أم اكتفاء بدلالة أم على تقدير استفهام .
وجمع الظلمات وإفراد النور تقدم عند قوله تعالى
وجعل الظلمات والنور في أول سورة الأنعام .
واختير التشبيه في المتقابلات العمى والبصر ، والظلمة والنور ، لتمام المناسبة ; لأن حال المشركين أصحاب العمى كحال الظلمة في انعدام إدراك
[ ص: 115 ] المبصرات ، وحال المؤمنين كحال البصر في العلم وكحال النور في الإفاضة والإرشاد .
وقرأ الجمهور (
تستوي الظلمات ) بفوقية في أوله مراعاة لتأنيث الظلمات . وقرأ
حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وأبو بكر عن
عاصم ، وخلف بتحتية في أوله وذلك وجه في الجمع غير المذكر السالم .