وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار
عطف على بدلوا و أحلوا ، فالضمير راجع إلى " الذين " وهم أئمة الشرك ، والجعل يصدق باختراع ذلك كما فعل
عمرو بن لحي وهو من
خزاعة ، ويصدق بتقرير ذلك ونشره والاحتجاج له ، مثل وضع
أهل مكة الأصنام في الكعبة ووضع هبل على سطحها .
والأنداد : جمع ند بكسر النون ، وهو المماثل في مجد ورفعة ، وتقدم عند قوله تعالى
فلا تجعلوا لله أندادا في سورة البقرة .
وقرأ الجمهور ليضلوا بضم الياء التحتية من أضل غيره إذا جعله ضالا ، فجعل الإضلال علة لجعلهم لله أندادا ، وإن كانوا لم يقصدوا تضليل الناس وإنما قصدوا مقاصد هي مساوية للتضليل ; لأنها أوقعت الناس في الضلال ، فعبر على مساوي التضليل بالتضليل ; لأنه آيل إليه وإن لم يقصدوه ، فكأنه قيل : للضلال عن سبيله ، تشنيعا عليهم بغاية فعلهم وهم ما أضلوا إلا وقد ضلوا ، فعلم أنهم ضلوا وأضلوا ، وذلك إيجاز .
وقرأ
ابن كثير ، وأبو عمرو ، ورويس عن
يعقوب ليضلوا بفتح الياء والمعنى : ليستمر ضلالهم فإنهم حين جعلوا الأنداد كان ضلالهم حاصلا في
[ ص: 231 ] زمن الحال ، ومعنى لام التعليل أن تكون مستقبلة لأنها بتقدير ( أن ) المصدرية بعد لام التعليل .
ويعلم أنهم أضلوا الناس من قوله وأحلوا قومهم دار البوار .
وسبيل الله : كل عمل يجري على ما يرضي الله ، شبه العمل بالطريق الموصلة إلى المحلة ، وقد تقدم غير مرة .
وجملة
قل تمتعوا مستأنفة استئنافا بيانيا ; لأن المخاطب بـ
ألم تر إلى الذين بدلوا إذا علم هذه الأحوال يتساءل عن الجزاء المناسب لجرمهم وكيف تركهم الله يرفلون في النعيم ، فأجيب بأنهم يصيرون إلى النار ، أي : يموتون فيصيرون إلى العذاب .
وأمر بأن يبلغهم ذلك ; لأنهم كانوا يزدهون بأنهم في تنعم وسيادة ، وهذا كقوله لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد في سورة آل عمران .