[ ص: 36 ] وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم
هذا اعتراض ناشئ عن قوله
وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ، وهو تذييل .
والمراد بـ ( الشيء ) ما هو نافع للناس بقرينة قوله
وأنبتنا فيها من كل شيء موزون الآية ، وفي الكلام حذف الصفة كقوله تعالى
يأخذ كل سفينة غصبا أي : سفينة صالحة .
والخزائن تمثيل لصلوحية القدرة الإلهية لتكوين الأشياء النافعة ، شبهت هيئة إيجاد الأشياء النافعة بهيئة إخراج المخزونات من الخزائن على طريقة التمثيلية المكنية ، ورمز إلى الهيئة المشبه بها بما هو من لوازمها وهو الخزائن ، وتقدم عند قوله تعالى
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله في سورة الأنعام .
وشمل ذلك
الأشياء المتفرقة في العالم التي تصل إلى الناس بدوافع وأسباب تستتب في أحوال مخصوصة ، أو بتركيب شيء مع شيء مثل نزول البرد من السحاب ، وانفجار العيون من الأرض بقصد أو على وجه المصادفة .
وقوله
وما ننزله إلا بقدر معلوم أطلق الإنزال على تمكين الناس من الأمور التي خلقها الله لنفعهم ، قال تعالى
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا في سورة البقرة ، إطلاقا مجازيا ; لأن ما خلقه الله لما كان من أثر أمر التكوين الإلهي شبه تمكين الناس منه بإنزال شيء من علو باعتبار أنه من العالم اللدني ، وهو علو معنوي . أو باعتبار أن تصاريف الأمور كائن في العوالم العلوية ، وهذا كقوله تعالى
وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج في سورة الزمر ، وقوله تعالى
يتنزل الأمر بينهن في سورة الطلاق .
[ ص: 37 ] والقدر بفتح الدال : التقدير ، وتقدم عند قوله تعالى
فسالت أودية بقدرها في سورة الرعد .
والمراد به معلوم أنه معلوم تقديره عند الله تعالى .