نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم هذا تصدير لذكر
القصص التي أريد من التذكير بها الموعظة بما حل بأهلها ، وهي قصة قوم
لوط وقصة
أصحاب الأيكة وقصة
ثمود .
وابتدئ ذلك بقصة
إبراهيم - عليه السلام - لما فيها من كرامة الله له تعريضا بالمشركين إذ لم يقتفوا آثاره في التوحيد .
فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا ، وهو مرتبط بقوله في أوائل السورة وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم .
[ ص: 57 ] وابتداء الكلام بفعل الإنباء لتشويق السامعين إلى ما بعده كقوله تعالى هل أتاك حديث الجنود ونحوه ، والمقصود هو قوله تعالى الآتي ونبئهم عن ضيف
إبراهيم ، وإنما قدم الأمر بإعلام الناس بمغفرة الله وعذابه ابتداء بالموعظة الأصلية قبل الموعظة بجزئيات حوادث
الانتقام من المعاندين وإنجاء من بينهم من المؤمنين ; لأن ذلك دائر بين أثر الغفران وبين أثر العذاب .
وقدمت المغفرة على العذاب ; لسبق رحمته غضبه .
وضمير أنا وضمير هو ضميرا فصل يفيدان تأكيد الخبر .
واعلم أن في قوله تعالى نبئ عبادي إلى الرحيم من المحسنات البديعة محسن الاتزان إذا سكنت ياء أني على قراءة الجمهور بتسكينها ، فإن الآية تأتي متزنة على ميزان بحر المجتث الذي لحقه الخبن في عروضه وضربه فهو متفعلن فعلاتن مرتين .