[ ص: 155 ] ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين
( ليبين ) تعليل لقوله تعالى
وعدا عليه حقا لقصد بيان حكمة جعله وعدا لازما لا يتخلف ; لأنه منوط بحكمة ، والله تعالى حكيم لا تجري أفعاله على خلاف الحكمة التامة ، أي جعل البعث ليبين للناس الشيء الذي يختلفون فيه من الحق والباطل ; فيظهر حق المحق ، ويظهر باطل المبطل في العقائد ونحوها من أصول الدين ، وما ألحق بها .
وشمل قوله ( يختلفون ) كل معاني المحاسبة على الحقوق ; لأن تمييز الحقوق من المظالم كله محل اختلاف الناس وتنازعهم .
وعطف على هذه الحكمة العامة حكمة فرعية خاصة بالمردود عليهم هنا ، وهي حصول العلم للذين كفروا بأنهم كانوا كاذبين فيما اخترعوه من الشرك ، وتحريم الأشياء ، وإنكار البعث .
وفي حصول علمهم بذلك يوم البعث مثار للندامة والتحسر على ما فرط منهم من إنكاره ، وقد تقدم بيان حكمة الجزاء في يوم البعث في أول سورة يونس .
و كانوا كاذبين أقوى في الوصف بالكذب من ( كذبوا أو كاذبون ) ، لما تدل عليه ( كان ) من الوجود زيادة على ما يقتضيه اسم الفاعل من الاتصاف ، فكأنه قيل : وجد كذبهم ووصفوا به ، وكذبهم يستلزم أنهم معذبون عقوبة على كذبهم ، ففيه شتم صريح وتعريض بالعقاب .