ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون عطف على جملتي التوبيخ ، وهو مزيد من التوبيخ ، فإن الجملتين المعطوف عليها أفادتها توبيخا على إيمانهم بالآلهة الباطل ، وكفرانهم بنعمة المعبود الحق .
وهذه الجملة المعطوفة أفادت التوبيخ على شكر ما لا يستحق الشكر ، فإن
العبادة شكر ، فهم عبدوا ما لا يستحق العبادة ، ولا بيده نعمة ، وهو الأصنام ; لأنها لا تملك ما يأتيهم من الرزق لاحتياجها ، ولا تستطيع رزقهم لعجزها ، فمفاد هذه الجملة مؤكد لمفاد ما قبلها مع اختلاف الاعتبار بموجب التوبيخ في كلتيهما .
وملك الرزق القدرة على إعطائه . والملك يطلق على القدرة ، كما تقدم في قوله تعالى
قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم في سورة العقود ، والرزق هنا مصدر منصوب على المفعولية ، أي لا يملك أن يرزق .
و ( من ) في
من السماوات والأرض ابتدائية ، أي رزقا موصوفا بوروده من السماوات والأرض .
و ( شيئا ) مبالغة في المنفي ، أي ولا يملكون جزاء قليلا من الرزق ، وهو منصوب على البدلية من ( رزقا ) ، فهو في معنى المفعول به كأنه قيل : لا يملك لهم شيئا من الرزق .
[ ص: 222 ] ولا يستطيعون عطف على يملك ، فهو من جملة صلة ( ما ) ، فضمير الجمع عائد إلى ( ما ) الموصولة باعتبار دلالتها على جماعة الأصنام المعبودة لهم ، وأجريت عليها صيغة جمع العقلاء ; مجاراة لاعتقادهم أنها تعقل وتشفع وتستجيب .
وحذف مفعول يستطيعون لقصد التعميم ، أي لا يستطيعون شيئا ; لأن تلك الأصنام حجارة لا تقدر على شيء ، والاستطاعة : القدرة .