لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا تذييل هو فذلكة لاختلاف أحوال المسلمين والمشركين ، فإن خلاصة أسباب الفوز ترك الشرك ; لأن ذلك هو مبدأ الإقبال على العمل الصالح فهو أول خطوات السعي لمريد الآخرة ; لأن الشرك قاعدة اختلال التفكير وتضليل العقول ، قال الله تعالى في ذكر آلهة المشركين
وما زادوهم غير تتبيب .
والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تبع لخطاب قوله
انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض ، والمقصود إسماع الخطاب غيره بقرينة تحقق أن النبيء قائم بنبذ الشرك ، ومنح على الذين يعبدون مع الله إلها آخر .
و تقعد مستعار لمعنى المكث والدوام ، أريد بهذه الاستعارة تجريد معنى النهي إلى أنه نهي تعريض بالمشركين ; لأنهم متلبسون بالذم والخذلان ، فإن لم يقلعوا عن الشرك داموا في الذم والخذلان .
والمذموم : المذكور بالسوء والعيب .
والمخذول : الذي أسلمه ناصره .
فأما ذمه فمن ذوي العقول ، إذ أعظم سخرية أن يتخذ المرء حجرا أو عودا ربا له ، ويعبده ، كما قال
إبراهيم عليه السلام
أتعبدون ما تنحتون ، وذمه من الله على لسان الشرائع .
[ ص: 65 ] وأما خذلانه فلأنه اتخذ لنفسه وليا لا يغني عنه شيئا
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ، وقال
إبراهيم عليه السلام
يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ، وخذلانه من الله ; لأنه لا يتولى من لا يتولاه قال
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم وقال
وما دعاء الكافرين إلا في ضلال .