كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها
تذييل للجمل المتقدمة ابتداء من قوله تعالى
وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه باعتبار ما اشتملت عليه من التحذيرات والنواهي ، فكل جملة فيها أمر هي مقتضية نهيا عن ضده ، وكل جملة فيها نهي هي مقتضية شيئا منهيا عنه ، فقوله
ألا تعبدوا إلا إياه يقتضي عبادة مذمومة منهيا عنها ، وقوله
وبالوالدين إحسانا يقتضي إساءة منهيا عنها ، وعلى هذا القياس .
وقرأ الجمهور سيئة بفتح الهمزة بعد المثناة التحتية وبهاء تأنيث في آخره ، وهي ضد الحسنة .
[ ص: 105 ] فالذي وصف بالسيئة وبأنه مكروه لا يكون إلا منهيا عنه أو مأمورا بضده ; إذ لا يكون المأمور به مكروها للآمر به ، وبهذا يظهر للسامع معاد اسم الإشارة في قوله
كل ذلك .
وإنما اعتبر ما في المذكورات من معاني النهي ; لأن الأهم هو الإقلاع عما يقتضيه جميعها من المفاسد بالصراحة أو بالالتزام ; لأن درء المفاسد أهم من جلب المصالح في الاعتبار ، وإن كانا متلازمين في مثل هذا .
وقوله
عند ربك متعلق ب
مكروها أي هو مذموم عند الله ، وتقديم هذا الظرف على متعلقه ; للاهتمام بالظرف إذ هو مضاف لاسم الجلالة ، فزيادة
عند ربك مكروها لتشنيع الحالة ، أي مكروها فعله من فاعله ، وفيه تعريض بأن فاعله مكروه عند الله .
وقرأ
ابن عامر ،
وعاصم ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وخلف كان سيئه بضم الهمزة وبهاء ضمير في آخره ، والضمير عائد إلى
كل ذلك ، و
كل ذلك هو نفس السيئ فإضافة ( سيئ ) إلى ضميره إضافة بيانية تفيد قوة صفة السيئ حتى كأنه شيئان يضاف أحدهما إلى الآخر ، وهذه نكتة الإضافة البيانية كلما وقعت ، أي كان ما نهى عنه من ذلك مكروها عند الله .
وينبغي أن يكون
مكروها خبرا ثانيا ل ( كان ) لأنه المناسب للقراءتين .