[ ص: 123 ] وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا إنا لمبعوثون خلقا جديدا يجوز أن يكون جملة وقالوا معطوفة على جملة
قل لو كان معه آلهة كما تقولون باعتبار ما تشتمل عليه من قوله
كما تقولون لقصد استئصال ضلالة أخرى من ضلالاتهم بالحجة الدامغة ، بعد استئصال التي قبلها بالحجة القاطعة بقوله
قل لو كان معه آلهة كما تقولون الآية وما بينهما بمنزلة الاعتراض .
ويجوز أن تكون عطفا على جملة
إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا التي مضمونها مظروف للنجوى ، فيكون هذا القول مما تناجوا به بينهم ، ثم يجهرون بإعلانه ويعدونه حجتهم على التكذيب .
والاستفهام إنكاري .
وتقديم الظرف من قوله (
إذا كنا عظاما ) للاهتمام به ; لأن مضمونه هو دليل الاستحالة في ظنهم ، فالإنكار متسلط على جملة
إنا لمبعوثون ، وقوة إنكار ذلك مقيد بحالة الكون عظاما ورفاتا ، وأصل تركيب الجملة : أإنا لمبعوثون إذا كنا عظاما ورفاتا .
وليس المقصود من الظرف التقييد ; لأن الكون عظاما ورفاتا ثابت لكل من يموت فيبعث .
والبعث : الإرسال ، وأطلق هنا على إحياء الموتى ; لأن الميت يشبه الماكث في عدم مبارحة مكانه .
والعظام : جمع عظم ، وهو ما منه تركيب الجسد للإنسان والدواب ، ومعنى
كنا عظاما أنهم عظام لا لحم عليها .
[ ص: 124 ] والرفات : الأشياء المرفوتة ، أي المفتتة ، يقال : رفت الشيء إذا كسره كسرا دقيقة ، ووزن فعال يدل على مفعول أفعال التجزئة مثل الدقاق ، والحطام ، والجذاذ ، والفتات .
و
خلقا جديدا حال من ضمير مبعوثون ، وذكر الحال ; لتصوير استحالة البعث بعد الفناء ; لأن البعث هو الإحياء ، فإحياء العظام والرفات محال عندهم ، وكونهم خلقا جديدا أدخل في الاستحالة .
والخلق : مصدر بمعنى المفعول ، ولكونه مصدرا لم يتبع موصوفه في الجمع .