قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا هذا تذييل ، وهو تنهية للغرض الذي ابتدئ من قوله
ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله الراجع إلى التذكير بنعم الله تعالى على الناس في خلال الاستدلال على أنه المتصرف الوحيد ، وإلى التحذير من عواقب كفران النعم ، وإذ قد ذكر في خلال ذلك فريقان في قوله
يوم ندعو كل أناس بإمامهم الآية ، وقوله
وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا .
ولما في كلمة كل من العموم كانت الجملة تذييلا .
[ ص: 194 ] وتنوين كل تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كل أحد مما شمله عموم قوله
ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وقوله
ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا وقوله
وإذا أنعمنا على الإنسان .
والشاكلة : الطريقة والسيرة التي اعتادها صاحبها ، ونشأ عليها ، وأصلها شاكلة الطريق ، وهي الشعبة التي تتشعب منه ، قال
النابغة يذكر ثوبا يشبه به بنيات الطريق :
له خلج تهوي فرادى وترعوي إلى كل ذي نيرين بادي الشواكل
وهذا أحسن ما فسر به الشاكلة هنا ، وهذه الجملة في الآية تجري مجرى المثل .
وفرع عليه قوله
فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ، وهو كلام جامع لتعليم الناس بعموم علم الله ، والترغيب للمؤمنين ، والإنذار للمشركين مع تشكيكهم في حقية دينهم لعلهم ينظرون ، كقوله
وإنا أو إياكم لعلى هدى الآية .