فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا .
أكملت قصة المثل بما فيه تعريض بتمثيل الحالين إنذارا للمشركين بأن عاقبة مكرهم وكيدهم ومحاولاتهم صائرة إلى ما صار إليه مكر
فرعون وكيده ، ففرع على تمثيل حالي الرسالتين وحالي المرسل إليهما ذكر عاقبة الحال الممثل بها إنذارا للممثلين بذلك المصير .
فقد أضمر المشركون إخراج النبيء صلى الله عليه وسلم والمسلمين من
مكة ، فمثلت إرادتهم بإرادة
فرعون إخراج
موسى وبني إسرائيل من
مصر ، قال تعالى
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا .
والاستفزاز : الاستخفاف ، وهو كناية عن الإبعاد ، وتقدم عند قوله تعالى
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض في هذه السورة .
والمراد ( بمن معه ) جنده الذين خرجوا معه يتبعون بني إسرائيل .
والأرض الأولى هي المعهودة ، وهي أرض
مصر ، والأرض الثانية أرض
الشام ، وهي المعهودة
لبني إسرائيل بوعد الله
إبراهيم إياها .
[ ص: 229 ] ووعد الآخرة ما وعد الله به الخلائق على ألسنة الرسل من البعث والحشر .
واللفيف : الجماعات المختلطون من أصناف شتى ، والمعنى : حكمنا بينهم في الدنيا بغرق الكفرة ، وتمليك المؤمنين ، وسنحكم بينهم يوم القيامة .
ومعنى
جئنا بكم أحضرناكم لدينا ، والتقدير : جئنا بكم إلينا .