[ ص: 239 ] وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا .
لما كان النهي عن الجهر بالدعاء ، أو قراءة الصلاة ; سدا لذريعة زيادة تصميمهم على الكفر أعقب ذلك بأمره بإعلان التوحيد ; لقطع دابر توهم من توهموا أن الرحمن اسم لمسمى غير مسمى اسم الله ، فبعضهم توهمه إلها شريكا ، وبعضهم توهمه معينا وناصرا ، أمر النبيء بأن يقول ما يقلع ذلك كله ، وأن يعظمه بأنواع من التعظيم .
وجملة " الحمد لله " تقتضي تخصيصه تعالى بالحمد ، أي قصر جنس الحمد عليه تعالى ; لأنه أعظم مستحق لأن يحمد ، فالتخصيص ادعائي بادعاء أن دواعي حمد غير الله تعالى في جانب دواعي حمد الله بمنزلة العدم ، كما تقدم في سورة الفاتحة .
و ( من ) في قوله " من الذل " بمعنى لام التعليل .
والذل : العجز والافتقار ، وهو ضد العز ، أي ليس له ناصر من أجل الذل ، والمراد : نفي الناصر له على وجه مؤكد ، فإن الحاجة إلى الناصر لا تكون إلا من العجز عن الانتصار للنفس ، ويجوز تضمين ( الولي ) معنى المانع فتكون ( من ) لتعدية الاسم المضمن معناه .
ومعنى " كبره " اعتقد أنه كبير ، أي عظيم العظم المعنوي الشامل لوجوب الوجود والغنى المطلق ، وصفات الكمال كلها الكاملة التعلقات ; لأن الاتصاف بذلك كله كمال ، والاتصاف بأضداد ذلك نقص وصغار معنوي .
[ ص: 240 ] وإجراء هذه الصلات الثلاث على اسم الجلالة الذي هو متعلق الحمد ; لأن في هذه الصلات إيماء إلى وجه تخصيصه بالحمد .
والإتيان بالمفعول المطلق بعد " كبره " للتوكيد ، ولما في التنوين من التعظيم ، ولأن من هذه صفاته هو الذي يقدر على إعطاء النعم التي يعجز غيره عن إسدائها .