فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا الظاهر أن المعنى أنه خرج على قومه ليصلي على عادته ، فكان في محرابه في صلاة خاصة ودعاء خفي ، ثم خرج لصلاة الجماعة إذ هو الحبر الأعظم لهم .
وضمن ( خرج ) معنى ( طلع ) فعدي بـ ( على ) كقوله تعالى
فخرج على قومه في زينته .
والمحراب : بيت أو محتجر يخصص للعبادة الخاصة . قال
الحريري : فمحرابي أحرى بي .
والوحي : الإشارة بالعين أو بغيرها ، والإيماء لإفادة معنى شأنه أن يفاد بالكلام .
و ( أن ) تفسيرية . وجملة
سبحوا بكرة وعشيا تفسير لـ ( أوحى ) ، لأن ( أوحى ) فيه معنى القول دون حروفه .
وإنما أمرهم بالتسبيح لئلا يحسبوا أن
زكرياء لما لم يكلمهم قد نذر صمتا فيقتدوا به فيصمتوا ، وكان الصمت من صنوف
[ ص: 75 ] العبادة في الأمم السالفة . كما سيأتي في قوله تعالى
فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا . فأومأ إليهم أن يشرعوا فيما اعتادوه من التسبيح ، أو أراد أن يسبحوا الله تسبيح شكر على أن وهب نبيئهم ابنا يرث علمه . ولعلهم كانوا علموا ترقبه استجابة دعوته ، أو أنه أمرهم بذلك أمرا مبهما يفسره عندما تزول حبسة لسانه .