وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين
الجسد : الجسم الذي لا حياة فيه ، وهو يرادف الجثة . هذا قول المحققين من أئمة اللغة مثل
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبي إسحاق الزجاج في تفسير قوله تعالى :
فأخرج لهم عجلا جسدا . وقد تقدم هناك ، ومنه قوله تعالى :
ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا . قيل هو شق غلام لا روح فيه ، ولدته إحدى نسائه ، أي ما جعلناهم أجراما غير منبثة فيها الأرواح بحيث تنتفي عنهم صفات البشر التي خاصتها أكل الطعام ، وهذا رد لما يقولونه :
ما لهذا الرسول يأكل الطعام مع قولهم هنا :
هل هذا إلا بشر مثلكم .
وذكر الجسد يفيد التهكم بالمشركين ؛ لأنهم لما قالوا :
ما لهذا الرسول يأكل الطعام ، وسألوا أن يأتي بما أرسل به الأولون - كان مقتضى أقوالهم أن الرسل الأولين كانوا في صور الآدميين لكنهم لا يأكلون الطعام ، وأكل الطعام من لوازم الحياة ، فلزمهم لما قالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام أن يكونوا قائلين بأن شأن الرسل أن يكونوا أجسادا بلا أرواح ، وهذا من السخافة بمكانة . وأما قوله :
وما كانوا خالدين فهو زيادة استدلال لتحقيق بشريتهم استدلالا بما هو واقع من عدم كفاءة أولئك الرسل كما هو معلوم بالمشاهدة ، لقطع معاذير الضالين ، فإن زعموا أن قد كان الرسل
[ ص: 20 ] الأولون مخالفين للبشر فماذا يصنعون في لحاق الفناء إياهم ، فهذا وجه زيادة
وما كانوا خالدين . وأتي في نفي الخلود عنهم بصيغة " ما كانوا " تحقيقا لتمكن عدم الخلود منهم .