وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين
عطف على ( وأيوب ) ؛ أي وآتينا
إسماعيل وإدريس وذا الكفل حكما وعلما . وجمع هؤلاء الثلاثة في سلك واحد لإشراكهم في خصيصية الصبر كما أشار إليه قوله تعالى
كل من الصابرين . جرى ذلك لمناسبة ذكر المثل الأشهر في الصبر وهو
أيوب .
[ ص: 129 ] فأما صبر
إسماعيل - عليه السلام - فقد تقرر بصبره على الرضى بالذبح حين قال له
إبراهيم إني أرى في المنام أني أذبحك فقال
ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، وتقرر بسكناه بواد غير ذي زرع امتثالا لأمر أبيه المتلقي من الله تعالى . وتقدمت ترجمة
إسماعيل في سورة البقرة .
وأما
إدريس فهو اسم "
أخنوخ " على أرجح الأقوال . وقد ذكر
أخنوخ في التوراة في سفر التكوين جدا
لنوح . وتقدمت ترجمته في سورة مريم ووصف هنالك بأنه صديق نبيء وقد وصفه الله تعالى هنا ليعد في صف الصابرين . والظاهر أن صبره كان على تتبع الحكمة والعلوم وما لقي في رحلاته من المتاعب . وقد عدت من صبره قصص ، منها أنه كان يترك الطعام والنوم مدة طويلة لتصفو نفسه للاهتداء إلى الحكمة والعلم .
وأما
ذو الكفل فهو نبيء اختلف في تعيينه ، فقيل هو "
إلياس " المسمى في كتب
اليهود "
إيليا " ، وقيل : هو خليفة
اليسع في نبوة
بني إسرائيل . والظاهر أنه "
عوبديا " الذي له كتاب من كتب أنبياء
اليهود وهو الكتاب الرابع من الكتب الاثني عشر وتعرف بكتب الأنبياء الصغار .
والكفل : بكسر الكاف وسكون الفاء أصله النصيب من شيء ، مشتق من كفل إذا تعهد ؛ لقب بهذا لأنه تعهد بأمر
بني إسرائيل لليسع . وذلك أن
اليسع لما كبر أراد أن يستخلف خليفة على
بني إسرائيل فقال : من يتكفل لي بثلاث أستخلفه : أن يصوم النهار ، ويقوم الليل ، ولا يغضب . فلم يتكفل له بذلك إلا شاب اسمه "
عوبديا " ، وأنه ثبت على ما تكفل به فكان لذلك من أفضل الصابرين . وقد عد
عوبديا من أنبياء
بني إسرائيل على إجمال في خبره انظر سفر الملوك
[ ص: 130 ] الأول الإصحاح 18 . ورؤيا
عوبديا صفحة 891 من الكتاب المقدس .
وروى
العبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ومجاهد أن
ذا الكفل لم يكن نبيئا . وتقدمت ترجمة
إلياس واليسع في سورة الأنعام . وجملة (
إنهم من الصالحين ) تعليل لإدخالهم في الرحمة ، وتذييل للكلام يفيد أن تلك سنة الله مع جميع الصالحين .