إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين
جملة واقعة موقع التعليل للجمل المتقدمة في الثناء على الأنبياء المذكورين ، وما أوتوه من النصر ، واستجابة الدعوات ، والإنجاء من كيد الأعداء ، وما تبع ذلك ، ابتداء من قوله تعالى
ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء . فضمائر الجمع عائدة إلى المذكورين . وحرف التأكيد مفيد معنى التعليل والتسبب ، أي ما استحقوا ما أوتوه إلا لمبادرتهم إلى مسالك الخير وجدهم في تحصيلها . وأفاد فعل الكون أن ذلك كان دأبهم وهجيراهم .
والمسارعة : مستعارة للحرص وصرف الهمة والجد للخيرات ، أي لفعلها ، تشبيها للمداومة والاهتمام بمسارعة السائر إلى المكان المقصود الجاد في مسالكه .
والخيرات : جمع خير بفتح الخاء وسكون الياء وهو جمع بالألف والتاء على خلاف القياس فهو مثل سرادقات وحمامات واصطبلات . والخير ضد الشر ، فهو ما فيه نفع . وأما قوله تعالى
فيهن خيرات حسان [ ص: 137 ] فيحتمل أنه مثل هذا ، ويحتمل أنه جمع خيرة بفتح فسكون الذي هو مخفف خيرة المشدد الياء ، وهي المرأة ذات الأخلاق الخيرية . وقد تقدم الكلام على ( الخيرات ) في قوله تعالى
وأولئك لهم الخيرات في سورة " براءة " ، وعطف على ذلك أنهم يدعون الله رغبة في ثوابه ورهبة من غضبه ، كقوله تعالى
يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه . والرغب والرهب بفتح ثانيهما مصدران من رغب ورهب . وهما وصف لمصدر يدعوننا لبيان نوع الدعاء بما هو أعم في جنسه ، أو يقدر مضاف ، أي ذوي رغب ورهب ، فأقيم المضاف إليه مقامه فأخذ إعرابه . وذكر فعل الكون في قوله تعالى
وكانوا لنا خاشعين مثل ذكره في قوله تعالى
كانوا يسارعون .
والخشوع : خوف القلب بالتفكر دون اضطراب الأعضاء الظاهرة .