ومن
أغراض هذه السورة : خطاب الناس بأمرهم أن يتقوا الله ويخشوا يوم الجزاء وأهواله .
والاستدلال على نفي الشرك وخطاب المشركين بأن يقلعوا عن المكابرة في الاعتراف بانفراد الله تعالى بالإلهية وعن المجادلة في ذلك اتباعا لوساوس الشياطين ، وأن الشياطين لا تغني عنهم شيئا ولا ينصرونهم في الدنيا وفي الآخرة .
[ ص: 184 ] وتفظيع
جدال المشركين في الوحدانية بأنهم لا يستندون إلى علم وأنهم يعرضون عن الحجة ليضلوا الناس .
وأنهم يرتابون في البعث وهو ثابت لا ريبة فيه وكيف يرتابون فيه بعلة استحالة الإحياء بعد الإماتة ولا ينظرون أن الله أوجد الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم طوره أطوارا .
وأن الله ينزل الماء على الأرض الهامدة فتحيا وتخرج من أصناف النبات ، فالله هو القادر على كل ذلك . فهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير . وأن مجادلتهم بإنكار البعث صادرة عن جهالة وتكبر عن الامتثال لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
ووصف المشركين بأنهم في تردد من أمرهم في اتباع دين الإسلام .
والتعريض بالمشركين بتكبرهم عن سنة
إبراهيم - عليه السلام - الذي ينتمون إليه ويحسبون أنهم حماة دينه وأمناء بيته وهم يخالفونه في أصل الدين . وتذكير لهم بما من الله عليهم في مشروعية الحج من المنافع فكفروا نعمته . وتنظيرهم في تلقي دعوة الإسلام بالأمم البائدة الذين تلقوا دعوة الرسل بالإعراض والكفر فحل بهم العذاب .
وأنه يوشك أن يحل بهؤلاء مثله فلا يغرهم تأخير العذاب فإنه إملاء من الله لهم كما أملى للأمم من قبلهم . وفي ذلك تأنيس للرسول - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا ، وبشارة لهم بعاقبة النصر على الذين فتنوهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حق .
[ ص: 185 ] وأن اختلاف الأمم بين أهل هدى وأهل ضلال أمر به افترق الناس إلى ملل كثيرة .
وأن
يوم القيامة هو يوم الفصل بينهم لمشاهدة جزاء أهل الهدى وجزاء أهل الضلال .
وأن المهتدين والضالين خصمان اختصموا في أمر الله فكان لكل فريق جزاؤه .
وسلى الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بأن الشيطان يفسد في قلوب أهل الضلالة آثار دعوة الرسل ولكن الله يحكم دينه ويبطل ما يلقي الشيطان فلذلك ترى الكافرين يعرضون وينكرون آيات القرآن .
وفيها التنويه بالقرآن والمتلقين له بخشية وصبر . ووصف الكفار بكراهيتهم القرآن وبغض المرسل به . والثناء على المؤمنين وأن الله يسر لهم اتباع الحنيفية وسماهم المسلمين .
والإذن للمسلمين بالقتال وضمان النصر والتمكين في الأرض لهم .
وختمت السورة بتذكير الناس بنعم الله عليهم وأن الله اصطفى خلقا من الملائكة ومن الناس فأقبل على المؤمنين بالإرشاد إلى ما يقربهم إلى الله زلفى وأن الله هو مولاهم وناصرهم .