وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
اعتراض بين سوق المنن . والخطاب للنبيء - صلى الله عليه وسلم - . وأصحاب هذه الصفات هم المسلمون .
والمخبت : المتواضع الذي لا تكبر عنده . وأصل المخبت من سلك الخبت . وهو المكان المنخفض ضد المصعد . ثم استعير للمتواضع
[ ص: 261 ] كأنه سلك نفسه في الانخفاض ، والمراد بهم هنا المؤمنون ؛ لأن التواضع من شيمهم كما كان التكبر من سمات المشركين قال تعالى
كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار .
والوجل : الخوف الشديد . وتقدم في قوله تعالى
قال إنا منكم وجلون في سورة الحجر . وقد أتبع
صفة ( المخبتين ) بأربع صفات وهي : وجل القلوب عند ذكر الله ، والصبر على الأذى في سبيله ، وإقامة الصلاة ، والإنفاق . وكل هذه الصفات الأربع مظاهر للتواضع فليس المقصود من جمع تلك الصفات ؛ لأن بعض المؤمنين لا يجد ما ينفق منه وإنما المقصود من لم يخل بواحدة منها عند إمكانها . والمراد من الإنفاق الإنفاق على المحتاجين الضعفاء من المؤمنين لأن ذلك هو دأب المخبتين . وأما الإنفاق على الضعيف والأصحاب فذلك مما يفعله المتكبرون من العرب كما تقدم عند قوله تعالى
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين . وهو نظير الإنفاق على الندماء في مجالس الشراب . ونظير إتمام الإيسار في مواقع الميسر ، كما قاله
النابغة :
إني أتمم أيساري وأمنحهم مثني الأيادي وأكسو الجفنة الأدما
والمراد بالصبر : الصبر على ما يصيبهم من الأذى في سبيل الإسلام . وأما الصبر في الحروب وعلى فقد الأحبة فمما تشترك فيه النفوس الجلدة من المتكبرين والمخبتين . وفي كثير من ذلك الصبر فضيلة إسلامية إذا كان تخلقا بأدب الإسلام قال تعالى
وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون الآية .