ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير
استئناف لزيادة تحقيق التأييد الذي تضمنه قوله
الله يحكم بينكم يوم القيامة . أي فهو لا يفوته شيء من أعمالكم فيجازي كلا على حساب عمله . فالكلام كناية عن جزاء كل بما يليق به . و
ما في السماء والأرض يشمل ما يعمله المشركون وما كانوا يخالفون فيه .
والاستفهام إنكاري أو تقريري ، أي إنك تعلم ذلك . وهذا الكلام كناية عن التسلية أي فلا تضق صدرا مما تلاقيه منهم . وجملة
إن ذلك في كتاب بيان للجملة قبلها . أي يعلم ما في السماء والأرض علما مفصلا لا يختلف ، لأن شأن الكتاب أن لا تتطرق إليه الزيادة والنقصان . واسم الإشارة إلى العمل في قوله
الله أعلم بما تعملون أو إلى ( ما ) في قوله
ما كنتم فيه تختلفون .
[ ص: 332 ] والكتاب هو ما به حفظ جميع الأعمال : إما على تشبيه تمام الحفظ بالكتابة ، وإما على الحقيقة ، وهو جائز أن يجعل الله لذلك كتابا لائقا بالمغيبات . وجملة
إن ذلك على الله يسير بيان لمضمون الاستفهام من الكتانة عن الجزاء .
واسم الإشارة عائد إلى مضمون الاستفهام من الكناية فتأويله بالمذكور . ولك أن تجعلها بيانا لجملة
يعلم ما في السماء والأرض واسم الإشارة عائد إلى العلم المأخوذ من فعل ( يعلم ) ، أي أن علم الله بما في السماء والأرض لله حاصل دون اكتساب ، لأن علمه ذاتي لا يحتاج إلى مطالعة وبحث . وتقديم المجرور على متعلقه وهو ( يسير ) للاهتمام بذكره للدلالة على إمكانه في جانب علم الله تعالى .