ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون [ ص: 26 ] إدماج في أثناء تعداد الدلائل على تفرد الله بالخلق على اختلاف أصناف المخلوقات لقصد إبطال الشرك . و ( ثم ) للترتيب الرتبي ; لأن أهمية التذكير بالموت في هذا المقام أقوى من أهمية ذكر الخلق ; لأن الإخبار عن موتهم توطئة للجملة بعده وهي قوله : (
ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) وهو المقصود . فهو كقوله :
الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهذه الجملة لها حكم الجملة الابتدائية وهي معترضة بين التي قبلها وبين جملة
ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق . ولكون ( ثم ) لم تفد مهلة في الزمان هنا صرح بالمهلة في قوله : بعد ذلك . والإشارة إلى الخلق المبين آنفا ، أي : بعد ذلك التكوين العجيب والنماء المحكم أنتم صائرون إلى الموت الذي هو تعطيل أثر ذلك الإنشاء ثم مصيره إلى الفساد والاضمحلال . وأكد هذا الخبر بـ ( إن ) واللام مع كونهم لا يرتابون فيه ; لأنهم لما أعرضوا عن التدبر فيما بعد هذه الحياة كانوا بمنزلة من ينكرون أنهم يموتون .
وتوكيد خبر ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ; لأنهم ينكرون البعث . ويكون ما ذكر قبله من الخلق الأول دليلا على إمكان الخلق الثاني كما قال تعالى :
أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ، فلم يحتج إلى تقوية التركيز بأكثر من حرف التأكيد وإن كان إنكارهم البعث قويا .
ونقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات ، ونكتته هنا أن المقصود التذكير بالموت وما بعده على وجه التعريض بالتخويف وإنما يناسبه الخطاب .