فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم تفرع على ما تقدم بيانه من
دلائل الوحدانية والقدرة والحكمة ظهور أن الله هو الملك الذي ليس في اتصافه بالملك شائبة من معنى الملك ، فملكه الملك الكامل في حقيقته ، الشامل في نفاذه .
والتعريف في ( الملك ) للجنس .
والحق : ما قابل الباطل ، ومفهوم الصفة يقتضي أن ملك غيره باطل ، أي : فيه شائبة الباطل لا من وجهة الجور والظلم ; لأنه قد يوجد ملك لا جور فيه ولا ظلم كملك الأنبياء والخلفاء الراشدين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلفاء والأمراء ، بل من جهة أنه ملك غير مستكمل حقيقة المالكية فإن كل من ينسب إليه الملك عدا الله تعالى هو مالك من جهة ومملوك من جهة لما فيه من نقص واحتياج ; فهو مملوك لما يتطلبه من تسديد نقصه بقدر الحاجة ومن استعانة بالغير لجبر احتياجه فذلك ملك باطل ; لأنه ادعاء ملك غير تام .
وجملة ( تعالى ) يجوز أن تكون خبرا قصد منه التذكير والاستنتاج مما تقدم من الدلائل المبينة لمعنى تعاليه وأن تكون إنشاء ثناء عليه بالعلو .
والتعالي : مبالغة في العلو . وأتبع ذلك بما هو دليل عليه وهو انفراده بالإلهية وذلك وصف ذاتي ، وبأنه مالك أعظم المخلوقات أعني العرش وذلك دليل عظمة القدرة .
[ ص: 136 ] و ( الكريم ) بالجر : صفة العرش . وكرم الجنس أن يكون مستوفيا فضائل جنسه كما في قوله تعالى :
إني ألقي إلي كتاب كريم في سورة النمل .