الأغراض التي اشتملت عليها
أولها التنويه بالقرآن ، والتعريض بعجزهم عن معارضته ، وتسلية النبيء - صلى الله عليه وسلم - على ما يلاقيه من إعراض قومه عن التوحيد الذي دعاهم إليه القرآن .
وفي ضمنه تهديدهم على تعرضهم لغضب الله تعالى ، وضرب المثل لهم بما حل بالأمم المكذبة رسلها والمعرضة عن آيات الله .
وأحسب أنها
نزلت إثر طلب المشركين أن يأتيهم الرسول بخوارق ، فافتتحت بتسلية النبيء - صلى الله عليه وسلم - وتثبيت له ورباطة لجأشه بأن ما يلاقيه من قومه هو سنة
[ ص: 91 ] الرسل من قبله مع أقوامهم مثل
موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ؛ ولذلك ختم كل استدلال جيء به على المشركين المكذبين بتذييل واحد هو قوله : (
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ) تسجيلا عليهم بأن آيات الوحدانية وصدق الرسل عديدة كافية لمن يتطلب الحق ولكن أكثر المشركين لا يؤمنون ، وأن الله عزيز قادر على أن ينزل بهم العذاب وأنه رحيم برسله فناصرهم على أعدائهم .
قال في الكشاف : كل قصة من القصص المذكورة في هذه السورة كتنزيل برأسه . وفيها من الاعتبار ما في غيرها فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تختم بما اختتمت به صاحبتها ، ولأن في التكرير تقريرا للمعاني في الأنفس وكلما زاد ترديده كان أمكن له في القلب وأرسخ في الفهم وأبعد من النسيان ، ولأن هذه القصص طرقت بها آذان وقرت عن الإنصات للحق فكوثرت بالوعظ والتذكير وروجعت بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح أذنا أو يفتق ذهنا اهـ .
ثم التنويه بالقرآن ، وشهادة
أهل الكتاب له ، والرد على مطاعنهم في القرآن وجعله عضين ، وأنه منزه عن أن يكون شعرا ومن أقوال الشياطين ، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإنذار عشيرته ، وأن الرسول ما عليه إلا البلاغ ، وما تخلل ذلك من دلائل .