فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين .
دلت الفاء على أن جمع السحرة وقع في أسرع وقت عقب بعث الحاشرين حرصا من الحاشرين والمحشورين على تنفيذ أمر
فرعون .
وبني ( جمع - وقيل ) للنائب لعدم تعين جامعين وقائلين ، أي جمع من يجمع وقال القائلون .
واللام في ( لميقات ) بمعنى ( عند ) كاللام في قوله تعالى : (
أقم الصلاة لدلوك الشمس ) . واليوم : هو يوم الزينة وهو يوم وفاء النيل . والوقت هو الضحى كما في سورة طه .
والميقات : الوقت ، وأصله اسم آلة التوقيت . سمي به الوقت المعين تشبيها له بالآلة .
والتعريف في ( للناس ) للاستغراق العرفي ، وهم ناس بلدة
فرعون (
منفيس ) أو (
طيبة ) .
و (
هل أنتم مجتمعون ) استحثاث للناس على الاجتماع ، فالاستفهام مستعمل في طلب الإسراع بالاجتماع بحيث نزلوا منزلة من يسأل سؤال تحقيق عن عزمه على الاجتماع كقوله تعالى : (
فهل أنتم منتهون ) في سورة العقود ، وقول
تأبط شرا :
هل أنت باعث دينار لحاجتـنـا أو عبد رب أخا عون بن مخراق
[ ص: 126 ] يريد ابعث إلينا دينارا أو عبد رب سريعا لأجل حاجتنا بأحدهما . ورجوا اتباع السحرة ، أي اتباع ما يؤيده سحر السحرة وهو إبطال دين ما جاء به
موسى ، فكان قولهم : (
لعلنا نتبع السحرة ) كناية عن رجاء تأييدهم في إنكار رسالة
موسى فلا يتبعونه . وليس المقصود أن يصير السحرة أيمة لهم ؛ لأن
فرعون هو المتبع . وقد جيء في شرط (
إن كانوا هم الغالبين ) بحرف ( إن ) ؛ لأنها أصل أدوات الشرط ، ولم يكن لهم شك في أن السحرة غالبون . وهذا شأن المغرورين بهواهم العمي عن النظر في تقلبات الأحوال أنهم لا يفرضون من الاحتمالات إلا ما يوافق هواهم ولا يأخذون العدة لاحتمال نقيضه .