قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين .
الضير : مرادف الضر ، يقال : ضاره بتخفيف الراء يضيره ، ومعنى ( لا ضير ) لا يضرنا وعيدك . ومعنى نفي ضره هنا : أنه ضر لحظة يحصل عقبه النعيم الدائم فهو بالنسبة لما تعقبه بمنزلة العدم . وهذه طريقة في النفي إذا قامت عليها قرينة . ومنه قولهم : هذا ليس بشيء ، أي ليس بموجود وإنما المقصود أن وجوده كالعدم .
وجملة (
إنا إلى ربنا منقلبون ) تعليل لنفي الضير ، وهي القرينة على المراد من النفي .
والانقلاب : الرجوع ، وتقدم في سورة الأعراف .
وجملة (
إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا ) بيان للمقصود من جملة (
إنا إلى ربنا منقلبون ) . والطمع : يطلق على الظن الضعيف ، وعرف بطلب ما فيه
[ ص: 129 ] عسر . ويطلق ويراد به الظن كما في قول
إبراهيم : (
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) ، فهذا الإطلاق تأدب مع الله ؛ لأنه يفعل ما يريد . وعللوا ذلك الطمع بأنهم كانوا أول المؤمنين بالله بتصديق
موسى - عليه السلام ، وفي هذا دلالة على رسوخ إيمانهم بالله ووعده .