وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين هذا تكرير للدليل بمثل آخر مثل ما في قوله "
وما كنت بجانب الغربي " أي ما كنت مع
موسى في وقت التكليم ، ولا كنت في
أهل مدين إذ جاءهم
موسى وحدث بينه وبين
شعيب ما قصصنا عليك .
[ ص: 132 ] والثواء : الإقامة .
وضمير " عليهم " عائد إلى المشركين من أهل
مكة لا إلى
أهل مدين ؛ لأن النبيء صلى الله عليه وسلم يتلو آيات الله على المشركين .
والمراد بالآيات الآيات المتضمنة قصة
موسى في
أهل مدين من قوله ولما توجه تلقاء
مدين إلى قوله
فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله . وبمثل هذا المعنى قال مقاتل وهو الذي يستقيم به نظم الكلام ، ولو جعل الضمير عائدا إلى
أهل مدين لكان أن يقال : تشهد فيهم آياتنا .
وجملة
تتلو عليهم آياتنا على حسب تفسير مقاتل في موضع الحال من ضمير " كنت " وهي حال مقدرة لاختلاف زمنها مع زمن عاملها كما هو ظاهر . والمعنى : ما كنت مقيما في
أهل مدين كما يقيم المسافرون فإذا قفلوا من أسفارهم أخذوا يحدثون قومهم بما شاهدوا في البلاد الأخرى .
والاستدراك في قوله
ولكنا كنا مرسلين ظاهر ، أي ما كنت حاضرا في
أهل مدين فتعلم خبر
موسى عن معاينة ولكنا كنا مرسلينك بوحينا فعلمناك ما لم تكن تعلمه أنت ولا قومك من قبل هذا .
وعدل عن أن يقال : ولكنا أوحينا بذلك ، إلى قوله
ولكنا كنا مرسلين ؛ لأن المقصد الأهم هو إثبات وقوع الرسالة من الله للرد على المشركين في قولهم وقول أمثالهم "
ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين " وتعلم رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم بدلالة الالتزام مع ما يأتي من قوله
ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما الآية ، فالاحتجاج والتحدي في هذه الآية والآية التي قبلها تحد بما علمه النبي عليه الصلاة والسلام من خبر القصة الماضية .