فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
تخلل بين حال المشركين ذكر حال الفريق المقابل ، وهو فريق المؤمنين على طريقة الاعتراض ؛ لأن الأحوال تزداد تميزا بذكر أضدادها ، والفاء للتفريع على ما أفاده قوله :
فعميت عليهم الأنباء من أنهم حق عليهم العذاب .
ولما كانت " أما " تفيد التفصيل وهو التفكيك والفصل بين شيئين أو أشياء في حكم فهي مفيدة هنا أن غير المؤمنين خاسرون في الآخرة ، وذلك ما وقع الإيماء إليه بقوله :
فهم لا يتساءلون فإنه يكتفي بتفصيل أحد الشيئين عن ذكر مقابله ، ومنه قوله تعالى :
فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل أي وأما الذين كفروا بالله فبضد ذلك .
والتوبة هنا : الإقلاع عن الشرك والندم على تقلده ، وعطف الإيمان عليها لأن المقصود حصول إقلاع عن عقائد الشرك وإحلال عقائد الإسلام محلها ؛ ولذلك عطف عليه
وعمل صالحا ؛ لأن بعض أهل الشرك كانوا شاعرين بفساد دينهم
[ ص: 164 ] وكان يصدهم عن تقلد شعائر الإسلام أسباب مغرية من الأعراض الزائلة التي فتنوا بها .
و " عسى " ترج لتمثيل حالهم بحال من يرجى منه الفلاح . و
أن يكون من المفلحين أشد في إثبات الفلاح من " أن يفلح " ، كما تقدم غير مرة .