[ ص: 184 ] وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا
عطف على جملة
قال الذين يريدون الحياة الدنيا فهي مشاركة لها في معناها ؛ لأن ما تشتمل عليه خرجة قارون - ما تدل عليه ملامحه من فتنة ببهرجته وبزته - دالة على قلة اعتداده بثواب الله ، وعلى تمحضه للإقبال على لذائذ الدنيا ومفاخرها الباطلة ، ففي كلام الذين أوتوا العلم تنبيه على ذلك ، وإزالة لما تستجلبه حالة قارون من نفوس المبتلين بزخارف الدنيا .
و " ويل " اسم للهلاك وسوء الحال ، وتقدم الكلام عليه عند قوله تعالى :
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم في سورة البقرة . ويستعمل لفظ " ويل " في التعجب المشوب بالزجر ، فليس الذين أوتوا العلم داعين بالويل على الذين يريدون الحياة الدنيا ؛ لأن المناسب لمقام الموعظة لين الخطاب ليكون أعون على الاتعاظ ، ولكنهم يتعجبون من تعلق نفوس أولئك بزينة الحياة الدنيا واغتباطهم بحال
قارون دون اهتمام بثواب الله الذي يستطيعون تحصيله بالإقبال على العمل بالدين والعمل النافع ، وهم يعلمون أن قارون غير متخلق بالفضائل الدينية .
وتقديم المسند إليه في قوله :
ثواب الله خير ليتمكن الخبر في ذهن السامعين ؛ لأن الابتداء بما يدل على الثواب المضاف إلى أوسع الكرماء كرما مما تستشرف إليه النفس .
وعدل عن الإضمار إلى الموصولية في قوله :
لمن آمن وعمل صالحا دون " خير لكم " ؛ لما في الإظهار من الإشارة إلى أن
ثواب الله إنما يناله المؤمنون الذين يعملون الصالحات ، وأنه على حسب صحة الإيمان ووفرة العمل ، مع ما في الموصول من الشمول لمن كان منهم كذلك ولغيرهم ممن لم يحضر ذلك المقام .