[ ص: 198 ] [ ص: 199 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة العنكبوت
اشتهرت هذه السورة بسورة العنكبوت من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لما رواه
عكرمة قال : كان المشركون إذا سمعوا تسمية سورة العنكبوت يستهزئون بهما ، أي بهذه الإضافة ، فنزل قوله تعالى :
إنا كفيناك المستهزئين يعني المستهزئين بهذا ومثله . وقد تقدم الإلماع إلى ذلك عند قوله تعالى :
إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها في سورة البقرة .
ووجه إطلاق هذا الاسم على هذه السورة أنها اختصت بذكر مثل العنكبوت في قوله تعالى فيها :
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا .
وهي مكية كلها في قول الجمهور ، ومدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة ، وقيل : بعضها مدني . روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ،
والواحدي في " أسباب النزول " عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أن الآيتين الأوليين منها أي إلى قوله :
وليعلمن الكاذبين - نزلتا بعد الهجرة في أناس من
أهل مكة أسلموا فكتب إليهم أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - من
المدينة أن لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا إلى
المدينة ، فخرجوا مهاجرين ، فاتبعهم المشركون فردوهم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن قوله تعالى :
ومن الناس من يقول آمنا بالله إلى قوله : " وليعلمن المنافقين " نزلت في قوم
بمكة ، وذكر قريبا مما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي .
وفي " أسباب النزول "
للواحدي عن
مقاتل : نزلت الآيتان الأوليان في
مهجع مولى عمر بن الخطاب ، خرج في جيش المسلمين إلى بدر فرماه
عامر بن الحضرمي من
[ ص: 200 ] المشركين بسهم فقتله ، فجزع عليه أبوه وامرأته ، فأنزل الله هاتين الآيتين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أن السورة كلها نزلت بين
مكة والمدينة . وقيل : إن آية
ومن الناس من يقول آمنا بالله نزلت في ناس من ضعفة المسلمين
بمكة ، كانوا إذا مسهم أذى من الكفار وافقوهم في باطن الأمر وأظهروا للمسلمين أنهم لم يزالوا على إسلامهم كما سيأتي عند تفسيرها .
وقال في " الإتقان " : ويضم إلى ما استثني من المكي فيها قوله تعالى :
وكأين من دابة لا تحمل رزقها ؛ لما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم أن النبيء - صلى الله عليه وسلم -
أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة إلى المدينة ، فقالوا : كيف نقدم بلدا ليست لنا فيه معيشة ، فنزلت وكأين من دابة لا تحمل رزقها .
وقيل : هذه السورة آخر ما نزل
بمكة ، وهو يناكد بظاهره جعلهم هذه السورة نازلة قبل سورة المطففين ، وسورة المطففين آخر السور المكية . ويمكن الجمع بأن ابتداء نزول سورة العنكبوت قبل ابتداء نزول سورة المطففين ، ثم نزلت سورة المطففين كلها في المدة التي كانت تنزل فيها سورة العنكبوت ، ثم تم بعد ذلك جميع هذه السورة .
وهذه السورة هي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول سور القرآن ، نزلت بعد سورة الروم وقبل سورة المطففين ، وسيأتي عند ذكر سورة الروم ما يقتضي أن العنكبوت نزلت في أواخر سنة إحدى عشرة قبل الهجرة ، فتكون من أخريات السور المكية بحيث لم ينزل بعدها
بمكة إلا سورة المطففين .
وآياتها تسع وستون باتفاق أصحاب العدد من أهل الأمصار .