ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون
عطف على جملة
ولوطا إذ قال لقومه إلخ . . عطف آية على آية ؛ لأن قصة
لوط آية بما تضمنته من الخبر ، وآثار قرية قومه آية أخرى بما يمكن مشاهدته لأهل البصر . ويجوز أن تكون جملة معترضة في آخر القصة ، وعلى كلا الوجهين فهو من كلام الله . ونون المتكلم المعظم ضمير الجلالة ، وليست ضمير الملائكة . والآية : العلامة الدالة على أمر .
ومفعول تركنا يجوز أن يكون آية فيجعل من حرف جر وهو مجرور وصفا لـ آية قدم على موصوفه للاهتمام ، فيجعل حالا من آية .
ويجوز أن تكون " من " للابتداء ، أي تركنا آية صادرة من آثارها ومعرفة خبرها ، وهي آية واضحة دائمة على طول الزمان إلى الآن ؛ ولذلك وصفت بـ بينة ، ولم توصف آية السفينة بـ " بينة " في قوله :
وجعلناها آية للعالمين ؛ لأن السفينة قد بليت ألواحها وحديدها أو بقي منها ما لا يظهر إلا بعد تفتيش إن كان .
ويجوز جعل " من " اسما بمعنى بعض على رأي من رأى ذلك من المحققين ، فتكون " من " مفعولا مضافا إلى ضمير " قرية " ، وتقدم بيان ذلك عند قوله تعالى :
ومن الناس من يقول آمنا بالله الآية في سورة البقرة . والمعنى : ولقد تركنا من القرية آثارا دالة لقوم يستعملون عقولهم في الاستدلال بالآثار على أحوال أهلها ، وهذه العلامة هي بقايا قريتهم ، مغمورة بماء بحيرة
لوط ، تلوح من تحت المياه شواهد القرية وبقايا لون الكبريت والمعادن التي رجمت بها قريتهم ، وفي ذلك عدة أدلة باختلاف مدارك المستدلين .
ويتعلق قوله :
لقوم يعقلون بقوله : تركنا ، أو يجعل ظرفا مستقرا صفة لـ آية .