[ ص: 26 ] ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون
هذا الكلام عائد إلى قوله :
والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون تعجيبا من نقائض كفرهم ، أي هم كفروا بالله وإن سألهم سائل عمن خلق السماوات والأرض يعترفوا بأن الله هو خالق ذلك ، ولا يثبتون لأصنامهم شيئا من الخلق ، فكيف يلتقي هذا مع ادعائهم الإلهية لأصنامهم ، ولذلك قال الله
فأنى يؤفكون أي كيف يصرفون عن توحيد الله وعن إبطال إشراكهم به ما لا يخلق شيئا .
وهذا الإلزام مبني على أنهم لا يستطيعون إذا سئلوا إلا الاعتراف ؛ لأنه كذلك في الواقع ؛ ولأن القرآن يتلى عليهم كلما نزل منه شيء يتعلق بهم ، ويتلوه المسلمون على مسامعهم ، فلو استطاعوا إنكار ما نسب إليهم لصدعوا به .
وضمير جمع الغائبين عائد إلى الذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله واستعجلوا بالعذاب ؛ بقرينة قوله :
فأنى يؤفكون .
والاستفهام في قوله :
فأنى يؤفكون إنكار وتعجيب .
وتخصيص تسخير الشمس والقمر بالذكر من بين مظاهر خلق السماوات والأرض لما في حركتهما من دلالة على عظيم القدرة ، مع ما في ذلك من المنة على الناس ؛ إذ ناط بحركتهما أوقات الليل والنهار وضبط الشهور والفصول .
وتسخير الشيء : إلجاؤه لعمل شديد ، وأحسب أنه حقيقة ، سواء كان المسخر - بالفتح - ذا إرادة أم كان جمادا .
وقد تقدم عند قوله تعالى :
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره في سورة الأعراف .