[ ص: 137 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة لقمان
سميت هذه السورة بإضافتها إلى
لقمان ; لأن فيها ذكر
لقمان وحكمته وجملا من حكمته التي أدب بها ابنه . وليس لها اسم غير هذا الاسم ، وبهذا الاسم عرفت بين القراء والمفسرين . ولم أقف على تصريح به فيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند مقبول .
وروى
البيهقي في دلائل النبوة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
أنزلت سورة لقمان بمكة .
وهي مكية كلها عند
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في أشهر قوليه وعليه إطلاق جمهور المفسرين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
النحاس استثناء ثلاث آيات من قوله تعالى
ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام إلى قوله
بما تعملون خبير . وعن
قتادة إلا آيتين إلى قوله
إن الله سميع بصير ، وفي تفسير
الكواشي حكاية قول إنها مكية عدا آية نزلت
بالمدينة وهي
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون قائلا لأن الصلاة والزكاة فرضت
بالمدينة ، ورده
البيضاوي على تسليم ذلك بأن فرضها
بالمدينة لا ينافي تشريعها
بمكة على غير إيجاب ، والمحقون يمنعون أن تكون الصلاة والزكاة فرضتا
بالمدينة فأما الصلاة فلا ريب في أنها فرضت على الجملة
بمكة وأما الزكاة ففرضت
بمكة دون تعيين أنصباء ومقادير ، ثم عينت الأنصباء والمقادير
بالمدينة .
ويتحصل من هذا أن القائل بأن آية
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة إلى آخرها نزلت
بالمدينة قاله من قبل رأيه وليس له سند يعتمد كما يؤذن به قوله لأن الصلاة والزكاة إلخ . ثم هو يقتضي أن يكون صدر سورة النازل
بمكة هدى ورحمة للمحسنين ،
أولئك على هدى من ربهم إلخ ثم ألحق به
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون .
[ ص: 138 ] وأما القول باستثناء آيتين وثلاث فمستند إلى ما رواه ابن جرير عن قتادة وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن قوله تعالى
ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام إلى آخر الآيتين أو الثلاث نزلت بسبب
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342331مجادلة كانت من اليهود أن أحبارهم قالوا : يا محمد أرأيت قوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إيانا تريد أم قومك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا أردت . قالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها في علم الله قليل ، فأنزل الله عليه ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآيات . وذلك مروي بأسانيد ضعيفة وعلى تسليمها فقد أجيب بأن
اليهود جادلوا في ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بمكة بأن لقنوا ذلك وفدا من
قريش وفد إليهم إلى
المدينة ، وهذا أقرب للتوفيق بين الأقوال . وهذه الروايات وإن كانت غير ثابتة بسند صحيح إلا أن مثل هذا يكتفى فيه بالمقبول في الجملة . قال أبو حيان :
سبب نزول هذه السورة أن
قريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة لقمان مع ابنه ، أي سألوه سؤال تعنت واختبار . وهذا الذي ذكره أبو حيان يؤيد تصدير السورة بقوله تعالى
ومن الناس من يشتري لهو الحديث .
وهذه السورة هي السابعة والخمسون في تعداد نزول السور ، نزلت بعد سورة الصافات وقبل سورة
سبأ .
وعدت آياتها ثلاثا وثلاثين في عد
أهل المدينة ومكة وأربعا وثلاثين في عد
أهل الشام والبصرة والكوفة .