[ ص: 200 ] [ ص: 201 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة السجدة
أشهر أسماء هذه السورة هو ( سورة السجدة ) ، وهو أخصر أسمائها ، وهو المكتوب في السطر المجعول لاسم السورة من المصاحف المتداولة . وبهذا الاسم ترجم لها
الترمذي في جامعه وذلك بإضافة كلمة ( سورة ) إلى كلمة ( السجدة ) . ولا بد من تقدير كلمة ( الم ) محذوفة للاختصار إذ لا يكفي مجرد إضافة سورة إلى السجدة في تعريف هذه السورة ، فإنه لا تكون سجدة من سجود القرآن إلا في سورة من السور .
وتسمى أيضا الم تنزيل ; روى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أن النبيء صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342344كان لا ينام حتى يقرأ ( الم تنزيل ) و تبارك الذي بيده الملك .
وتسمى ( الم تنزيل السجدة ) . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=10342345كان النبيء صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر ( الم تنزيل السجدة ) و هل أتى على الإنسان . قال شارحو صحيح البخاري ضبط اللام من كلمة ( تنزيل ) بضمة على الحكاية ، وأما لفظ ( السجدة ) في هذا الحديث فقال
ابن حجر هو بالنصب : وقال
العيني والقسطلاني بالنصب على أنه عطف بيان يعني أنه بيان للفظ ( الم تنزيل ) ، وهذا بعيد لأن لفظ السجدة ليس اسما لهذه السورة إلا بإضافة ( سورة ) إلى ( السجدة ) ، فالوجه أن يكون لفظ ( السجدة ) في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مجرورا بإضافة مجموع ( الم تنزيل ) إلى لفظ ( السجدة ) ، وسأبين كيفية هذه الإضافة .
وعنونها
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ( سورة تنزيل السجدة ) . ويجب أن يكون ( تنزيل ) مضموما على حكاية لفظ القرآن ، فتميزت هذه السورة بوقوع سجدة تلاوة فيها من
[ ص: 202 ] بين السور المفتتحة بـ ( الم ) ، فلذلك فمن سماها ( سورة السجدة ) عنى تقدير مضاف أي سورة ( الم السجدة ) .
ومن سماها ( تنزيل السجدة ) فهو على تقدير ( الم تنزيل السجدة ) بجعل ( الم تنزيل ) اسما مركبا ثم إضافته إلى السجدة ، أي ذات السجدة ، لزيادة التمييز والإيضاح ، وإلا فإن ذكر كلمة ( تنزيل ) كاف في تمييزها عما عداها من ذوات ( الم ) ثم اختصر بحذف ( الم ) وإبقاء ( تنزيل ) ، وأضيف ( تنزيل ) إلى ( السجدة ) على ما سيأتي في توجيه تسميتها ( الم تنزيل السجدة ) .
ومن سماها ( الم السجدة ) فهو على إضافة ( الم ) إلى ( السجدة ) إضافة على معنى اللام وجعل ( الم ) اسما للسورة .
ومن سموها ( الم تنزيل السجدة ) لم يتعرضوا لضبطها في شروح صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولا في النسخ الصحيحة من الجامع الصحيح ، ويتعين أن يكون ( الم ) مضافا إلى ( تنزيل ) على أن مجموع المضاف والمضاف إليه اسم لهذه السورة محكي لفظه ; فتكون كلمة ( تنزيل ) مضمومة على حكاية لفظها القرآني ، وأن يعتبر هذا المركب الإضافي اعتبار العلم مثل : عبد الله ، ويعتبر مجموع ذلك المركب الإضافي مضافا إلى السجدة إضافة المفردات ، وهو استعمال موجود ، ومنه قول تأبط شرا :
إني لمهد من ثنـائي فـقـاصـد به لابن عم الصدق شمس بن مالك
إذ أضاف مجموع ( ابن عم ) إلى الصدق ، ولم يرد إضافة عم إلى الصدق . وكذلك قول أحد الطائيين في ديوان الحماسة :
داو ابن عم السوء بالنأي والغنـى كفى بالغنى والنأي عنه مداويا
فإنه ما أراد وصف عمه بالسوء ولكنه أراد وصف ابن عمه بالسوء .
فأضاف مجموع ابن عم إلى السوء ، ومثله قول رجل من كلب في ديوان الحماسة :
هنيئا لابن عم السوء أني مجاورة بني ثعل لبوني
وقال
عيينة بن مرداس في الحماسة :
[ ص: 203 ] فلما عرفت اليأس منه وقد بدت أيادي سبا الحاجات للمتذكـر
فأضاف مجموع ( أيادي سبا ) وهو كالمفرد لأنه جرى مجرى المثل إلى الحاجات .
وقال بعض رجازهم :
أنا ابن عم الليل وابن خاله إذا دجى دخلت في سرباله
فأضاف ( ابن عم ) إلى لفظ ( الليل ) ، وأضاف ( ابن خال ) إلى ضمير ( الليل ) على معنى أنا مخالط الليل ، ولا يريد إضافة عم ولا خال إلى الليل .
ومن هذا اسم
عبد الله بن قيس الرقيات ، فالمضاف إلى ( الرقيات ) هو مجموع المركب إما عبد الله ، أو (
nindex.php?page=showalam&ids=13435ابن قيس ) لا أحد مفرداته .
وهذه الإضافة قريبة من إضافة العدد المركب إلى من يضاف إليه مع بقاء اسم العدد على بنائه كما تقول : أعطه خمسة عشرة .
وتسمى هذه السورة أيضا ( سورة المضاجع ) لوقوع لفظ ( المضاجع ) في قوله تعالى
تتجافى جنوبهم عن المضاجع .
وفي تفسير
القرطبي عن مسند
الدارمي أن
nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان سماها ( المنجية ) . قال : بلغني أن رجلا يقرؤها ما يقرأ شيئا غيرها ، وكان كثير الخطايا فنشرت جناحها وقالت : رب اغفر له فإنه كان يكثر من قراءتي فشفعها الرب فيه وقال : اكتبوا له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة اهــ .
وقال الطبرسي : تسمى ( سورة سجدة لقمان ) لوقوعها بعد سورة لقمان لئلا تلتبس بسورة ( حم السجدة ) ، أي كما سموا سورة ( حم السجدة ) وهي سورة فصلت ( سورة سجدة المؤمن ) لوقوعها بعد ( سورة المؤمنين ) .
وهي مكية في إطلاق أكثر المفسرين وإحدى روايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وفي رواية أخرى عنه استثناء ثلاث آيات مدنية وهي
أفمن كان مؤمنا كمن كان [ ص: 204 ] فاسقا إلى لعلهم يرجعون . قيل نزلت يوم
بدر في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=292والوليد بن عقبة وسيأتي إبطاله . وزاد بعضهم آيتين
تتجافى جنوبهم عن المضاجع إلى بما كانوا يعملون لما روي في سبب نزولها وهو ضعيف .
والذي نعول عليه أن السورة كلها مكية وأن ما خالف ذلك إن هو إلا تأويل أو إلحاق خاص بعام كما أصلنا في المقدمة الخامسة .
نزلت بعد سورة النحل وقبل سورة نوح ، وقد عدت الثالثة والسبعين في النزول .
وعدت آياتها عند جمهور العادين ثلاثين ، وعدها البصريون سبعا وعشرين .