ذلك جزيناهم بما كفروا وهل يجازى إلا الكفور استئناف بياني ناشئ عن قوله فأرسلنا عليهم سيل العرم فهو من تمام الاعتراض .
واسم الإشارة يجوز أن يكون في محل نصب نائبا عن المفعول المطلق المبين لنوع الجزاء ، وهو من البيان بطريق الإشارة ، أي جزيناهم الجزاء المشار إليه وهو ما تقدم من التبديل بجنتيهم جنتين أخريين . وتقديمه على عامله للاهتمام بشدة ذلك الجزاء .
واستحضاره باسم الإشارة لما فيه من عظمة هوله .
ويجوز أن يكون اسم الإشارة في محل رفع بالابتداء وتكون الإشارة إلى ما تقدم من قوله فأرسلنا عليهم سيل العرم إلى قوله من سدر قليل ويكون جملة " جزيناهم " خبر المبتدأ والرابط ضمير محذوف تقديره : جزيناهموه .
والباء في " بما كفروا " للسببية وما مصدرية ، أي بسبب كفرهم .
والكفر هو الكفر بالله ، أي : إنكار إلهيته لأنهم عبدة الشمس .
والاستفهام في " وهل يجازى " إنكاري في معنى النفي كما دل عليه الاستثناء .
والكفور : الشديد الكفر لأنهم كانوا لا يعرفون الله ويعبدون الشمس فهم أسوأ حالا من أهل الشرك .
والمعنى : ما يجازى ذلك الجزاء إلا الكفور لأن ذلك الجزاء عظيم في نوعه ، أي نوع العقوبات فإن
العقوبة من جنس الجزاء . والمثوبة من جنس الجزاء فلما قيل ذلك جزيناهم بما كفروا تعين أن المراد : وهل يجازى مثل جزائهم إلا الكفور ، فلا يتوهم أن هذا يقتضي أن غير الكفور لا يجازى على فعله ، ولا أن الثواب لا يسمى جزاء ولا أن العاصي المؤمن لا يجازى على معصيته ، لأن تلك التوهمات
[ ص: 174 ] كلها مندفعة بما في اسم الإشارة من بيان نوع الجزاء ، فإن الاستئصال ونحوه لا يجري على المؤمنين .
وقرأ الجمهور يجازى بياء الغائب والبناء للمجهول ورفع الكفور .
وقرأ حمزة والكسائي بنون العظمة والبناء للفاعل ونصب " الكفور " .