"
وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون " عطف على قصة (
واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ) فإنه ضرب لهم مثلا لحال إعراضهم وتكذيبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما تشتمل عليه تلك الحال من إشراك وإنكار للبعث وأذى للرسول - صلى الله عليه وسلم - وعاقبة ذلك كله . ثم أعقب ذلك التفصيل لإبطال ما اشتملت عليه تلك الاعتقادات من إنكار البعث ومن الإشراك بالله .
وابتدئ بدلالة تقريب البعث لمناسبة الانتقال من قوله
وإن كل لما جميع لدينا محضرون على أن هذه لا تخلو من دلالتها على الانفراد بالتصرف ، وفي ذلك إثبات الوحدانية .
و ( آية ) مبتدأ و لهم صفة " آية " ، و ( الأرض ) خبر ( آية ) ، و ( الميتة ) صفة الأرض .
وجملة أحييناها في موضع الحال من الأرض وهي حال مقيدة لأن إحياء الأرض هو مناط للدلالة على إمكان البعث بعد الموت ، أو يكون جملة " أحييناها " بيانا لجملة "
وآية لهم الأرض " لبيان موقع الآية فيها ، أو بدل اشتمال من جملة
وآية لهم الأرض ، أو استئنافا بيانيا كأن سائلا سأل : كيف كانت الأرض الميتة ؟
[ ص: 13 ] وموت الأرض : جفافها وجرازتها لخلوها من حياة النبات فيها ، وإحياؤها : خروج النبات منها من العشب والكلأ والزرع .
وقرأ
نافع وأبو جعفر " الميتة " بتشديد الياء . وقرأ الباقون بتخفيف الياء ، والمعنى واحد وهما سواء في الاستعمال .
والحب : اسم جمع حبة ، وهو بزرة النبت مثل البرة والشعيرة . وقد تقدم عند قوله تعالى كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في سورة البقرة .
وإخراج الحب من الأرض : هو إخراجه من نباتها فهو جاء منها بواسطة . وهذا إدماج للامتنان في ضمن الاستدلال ولذلك فرع عليه فمنه يأكلون ، وتقديم منه على يأكلون للاهتمام تنبيها على النعمة ولرعاية الفاصلة .