صفحة جزء
[ ص: 291 ] قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار قالوا أي : الفوج المقتحم وهو فوج الأتباع ، فهذا من كلام الذين قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم لأن قولهم من قدم لنا هذا يعين هذا المحمل . ولذلك حق أن يتساءل الناظر عن وجه إعادة فعل قالوا وعن وجه عدم عطفه على قولهم الأول .

فأما إعادة فعل القول فلإفادة أن القائلين هم الأتباع فأعيد فعل القول تأكيدا للفعل الأول لقصد تأكيد فاعل القول تبعا لأنه محتمل لضمير القائلين .

والمقصود من حكاية قولهم هذا تحذير كبراء المشركين من عواقب رئاستهم وزعامتهم التي يجرون بها الويلات على أتباعهم فيوقعونهم في هاوية السوء حتى لا يجد الأتباع لهم جزاء بعد الفوت إلا طلب مضاعفة العذاب لهم .

وأما تجريد فعل قالوا عن العاطف فلأنه قصد به التوكيد اللفظي والتوكيد اللفظي على مثال الموكد .

ولا تلتبس حكاية هذا القول على هذه الكيفية بحكاية المحاورات فيحسب أنه من كلام الفريق الآخر لأن الدعاء بعنوان " من قدم لنا هذا " يعين أن قائليه هم القائلون أنتم قدمتموه لنا ، وأن الذين قدموا لهم هم الطاغون . وفي معنى هذه الآية آية سورة الأعراف قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار .

ومن في قوله " من قدم لنا هذا " موصولة ، وجملة " فزده " خبر عن من ، واقتران الخبر بالفاء جرى على معاملة الموصول معاملة الشرط في قرن خبره بالفاء وهو كثير ، وتقدم عند قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم في سورة براءة .

والضعف ، بكسر الضاد : تستعمل اسم مصدر ضعف وضاعف ، فهما اسما التضعيف والمضاعفة ، أي : تكرير المقدار وتكرير القوة ، وهو من الألفاظ المتضايفة المعاني ؛ كالنصف والزوج .

[ ص: 292 ] ويستعمل اسما بمعنى الشيء المضاعف ، وهذا هو قياس زنة فعل بكسر الفاء وسكون العين ، فهو بمعنى : الشيء الذي ضوعف لأن زنة فعل تدل على ما سلط عليه فهو نحو ذبح ، أي : مذبوح .

التالي السابق


الخدمات العلمية