ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور ثم للترتيبين الرتبي والتراخي ، أي : وأعظم من كون الله غنيا عنكم أنه أعد لكم الجزاء على كفركم وسترجعون إليه ، وتقدم نظيرها في آخر سورة الأنعام .
وإنما جاء في آية الأنعام
بما كنتم فيه تختلفون لأنها وقعت إثر آيات كثيرة تضمنت الاختلاف بين أحوال المؤمنين وأحوال المشركين ولم يجئ مثل ذلك هنا ، فلذلك قيل هنا
بما كنتم تعملون أي : من كفر من كفر وشكر من شكر .
والأنباء : مستعمل مجازا في الإظهار الحاصل به العلم ، ويجوز أن يكون مستعملا في حقيقة الإخبار بأن يعلن لهم بواسطة الملائكة أعمالهم ، والمعنى : أنه يظهر لكم الحق لا مرية فيه أو يخبركم به مباشرة ، وتقدم بيانه في آخر الأنعام ، وفيه تعريض بالوعد والوعيد .
وجملة
إنه عليم بذات الصدور تعليل لجملة
ينبئكم بما كنتم تعملون [ ص: 342 ] لأن
العليم بذات الصدور لا يغادر شيئا إلا علمه فإذا أنبأ بأعمالهم كان إنباؤه كاملا .
وذات : صاحبة ، مؤنث " ذو " بمعنى صاحب ، صفة لمحذوف ؛ تقديره : الأعمال ، أي : بالأعمال صاحبة الصدور ، أي : المستقرة في النوايا فعبر بـ " الصدور " عما يحل بها ، والصدور مراد بها القلوب المعبر بها عما به الإدراك والعزم ، وتقدم في قوله
ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور في سورة الأنفال .