قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار استئناف بياني لأن ذكر حالة الإنسان الكافر المعرض عن شكر ربه يثير وصفها سؤال السامع عن عاقبة هذا الكافر ، أي : قل يا
محمد للإنسان الذي جعل لله أندادا ، أي : قل لكل واحد من ذلك الجنس ، أو روعي في الإفراد لفظ الإنسان . والتقدير : قل تمتعوا بكفركم قليلا إنكم من أصحاب النار .
وعلى مثل هذين الإعتبارين جاء إفراد كاف الخطاب بعد الخبر عن الإنسان في قوله تعالى
يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر في سورة القيامة .
والتمتع : الانتفاع الموقت ، وقد تقدم عند قوله تعالى
ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين في سورة الأعراف .
والباء في " بكفرك " ظرفية أو للملابسة وليست لتعدية فعل التمتع . ومتعلق التمتع محذوفا دل عليه سياق التهديد . والتقدير : تمتع بالسلامة من العذاب في زمن كفرك أو متكسبا بكفرك تمتعا قليلا فأنت آئل إلى العذاب لأنك من أصحاب النار .
ووصف التمتع بالقليل لأن مدة الحياة الدنيا قليل بالنسبة إلى العذاب في الآخرة ، وهذا كقوله تعالى
فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل .
وصيغة الأمر في قوله تمتع مستعملة في الإمهال ؛ المراد منه : الإنذار والوعيد .
وجملة
إنك من أصحاب النار بيان للمقصود من جملة
تمتع بكفرك قليلا وهو الإنذار بالمصير إلى النار بعد مدة الحياة .
[ ص: 345 ] و " من " للتبعيض لأن المشركين بعض الأمم والطوائف المحكوم عليها بالخلود في النار .
وأصحاب النار : هم الذين لا يفارقونها فإن الصحبة تشعر بالملازمة ، فأصحاب النار : المخلدون فيها .