[ ص: 302 ] ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت .
عطف على جملة
ومن آياته الليل والنهار ، وهذا استدلال بهذا الصنع العظيم على أنه تعالى منفرد بفعله فهو دليل إلهيته دون غيره لأن من يفعل ما لا يفعله غيره هو الإله الحق وإذا كان كذلك لم يجز أن يتعدد لكون من لا يفعل مثل فعله ناقص القدرة ، والنقص ينافي الإلهية كما قال
أفمن يخلق كمن لا يخلق .
والخطاب في قوله أنك لغير معين ليصلح لكل سامع .
والخشوع : التذلل ، وهو مستعار لحال الأرض إذا كانت مقحطة لا نبات عليها لأن حالها في تلك الخصاصة كحال المتذلل ، وهذا من تشبيه المحسوس بالمعقول باعتبار ما يتخيله الناس من مشابهة اختلاف حالي القحولة والخصب بحالي التذلل والازدهاء .
والاهتزاز حقيقته : مطاوعة هزه ، إذا حركه بعد سكونه فتحرك . وهو هنا مستعار لربو وجه الأرض بالنبات ، شبه حال إنباتها وارتفاعها بالماء والنبات بعد أن كانت منخفضة خامدة بالاهتزاز .
ويؤخذ من مجموع ذلك أن هذا التركيب تمثيل ، شبه حال قحولة الأرض ثم إنزال الماء عليها وانقلابها من الجدوبة إلى الخصب والإنبات البهيج بحال شخص كان كاسف البال رث اللباس فأصابه شيء من الغنى فلبس الزينة واختال في مشيته زهوا ، ولذا يقال : هز عطفيه ، إذا اختال في مشيته .
وفي قوله ( خاشعة واهتزت ) مكنية بأن شبهت بشخص كان ذليلا ثم صار مهتزا لعطفيه ، ورمز إلى المشبه بهما بذكر رديفيهما . فهذا من أحسن التمثيل وهو الذي يقبل تفريق أجزائه في أجزاء التشبيه .
وعطف وربت على اهتزت لأن المقصود من الاهتزاز هو ظهور النبات عليها وتحركه . والمقصود بالربو : انتفاخها بالماء واعتلاؤها .
[ ص: 303 ] وقرأ
أبو جعفر " وربأت " بهمزة بعد الموحدة من " ربأ " بالهمز ، إذا ارتفع .