ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب .
هذا متعلق بالذين كذبوا بالقرآن من العرب ؛ لأن قوله (
لقضي بينهم ) يقتضي
[ ص: 318 ] أن الله أخر القضاء بينهم وبين المؤمنين إلى أجل اقتضته حكمته ، فأما قوم
موسى فقد قضى بينهم باستئصال قوم فرعون ، وبتمثيل
الآشوريين باليهود بعد
موسى ، وبخراب
بيت المقدس ، وزوال ملك إسرائيل آخرا . وهذا الكلام داخل في إتمام التسلية للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في استبطاء النصر .
والكلمة هي كلمة الإمهال إلى يوم القيامة بالنسبة لبعض المكذبين ، والإمهال إلى يوم
بدر بالنسبة لمن صرعوا
ببدر .
والتعبير عن الجلالة بلفظ ربك لما في معنى الرب من الرأفة به والانتصار له ، ولما في الإضافة إلى ضمير الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التشريف . وكلا الأمرين تعزيز للتسلية .
ولك أن تجعل كلمة بين دالة على أخرى مقدرة على سبيل إيجاز الحذف . والتقدير : بينهم وبين المؤمنين ، أي بما يظهر به انتصار المؤمنين ، فإنه يكثر أن يقال : بين كذا وبين كذا ، قال تعالى
وحيل بينهم وبين ما يشتهون .
ومعنى سبقت أي تقدمت في علمه على مقتضى حكمته وإرادته .
والأجل المسمى : جنس يصدق بكل ما أجل به عقابهم في علم الله . وأما ضمير
وإنهم لفي شك منه مريب فهو خاص بالمشركين الشاكين في البعث والشاكين في أن الله ينصر رسوله والمؤمنين .
والريب : الشك ، فوصف ( شك ) بـ ( مريب ) من قبيل الإسناد المجازي لقصد المبالغة بأن اشتق له من اسمه وصف كقولهم : ليل أليل وشعر شاعر .