له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم
خبر رابع أو خامس عن الضمير في قوله :
وهو على كل شيء قدير وموقع هذه الجملة كموقع التي قبلها تتنزل منزلة النتيجة لما تقدمها ، لأنه إذا ثبت أن الله هو الولي وما تضمنته الجمل بعدها إلى قوله : يذرؤكم فيه من انفراده بالخلق ، ثبت أنه المنفرد بالرزق .
والمقاليد : جمع إقليد على غير قياس ، أو جمع مقلاد ، وهو المفتاح ، وتقدم عند قوله تعالى :
له مقاليد السماوات والأرض في سورة الزمر .
[ ص: 49 ] وتقديم المجرور لإفادة الاختصاص ، أي هي ملكه لا ملك غيره .
والمقاليد هنا استعارة بالكناية لخيرات السماوات والأرض ، شبهت الخيرات بالكنوز ، وأثبت لها ما هو من مرادفات المشبه به وهو المفاتيح ، والمعنى : أنه وحده المتصرف بما ينفع الناس من الخيرات . وأما ما يتراءى من تصرف بعض الناس في الخيرات الأرضية بالإعطاء والحرمان والتقتير والتبذير فلا اعتداد به لقلة جدواه بالنسبة لتصرف الله تعالى .
وجملة
يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر مبينة لمضمون جملة له مقاليد السماوات والأرض . وبسط الرزق : توسعته ، وقدره كناية عن قلته ، وتقدم عند قوله :
الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر في سورة الرعد .
وجملة إنه بكل شيء عليم استئناف بياني هو كالعلة لقوله : لمن يشاء ، أي أن مشيئته جارية على حسب علمه بما يناسب أحوال المرزوقين من بسط أو قدر .
وبيان هذا في قوله الآتي
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض .