أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون إضراب انتقالي ، عطف على جملة : ما لهم بذلك من علم . فبعد أن نفى أن يكون قولهم : لو شاء الرحمن ما عبدناهم مستندا إلى حجة العقل ، انتقل إلى نفي أن يكون مستندا إلى حجة النقل عن إخبار العالم بحقائق الأشياء التي هي من شئونه .
واجتلب للإضراب حرف ( أم ) دون ( بل ) لما تؤذن به ( أم ) من استفهام بعدها ، وهو إنكاري . والمعنى : وما آتيناهم كتابا من قبله . وضمير ( من قبله ) عائد إلى القرآن المذكور في أول السورة . وفي قوله :
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم . وفي هذا ثناء ثالث على القرآن ضمني لاقتضائه أن القرآن لا يأتي إلا بالحق الذي يستمسك به .
وهذا تمهيد للتخلص إلى قوله تعالى :
بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة .
و ( من ) مزيدة لتوكيد معنى ( قبل ) . والضمير المضاف إليه ( قبل ) ضمير
[ ص: 187 ] القرآن ولم يتقدم له معاد في اللفظ ولكنه ظاهر من دلالة قوله : ( كتابا ) .
و ( مستمسكون ) مبالغة في ممسكون ؛ يقال : أمسك بالشيء : إذا شد عليه يده ، وهو مستعمل مجازا في معنى الثبات على الشيء ؛ كقوله تعالى :
فاستمسك بالذي أوحي إليك .