قل أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قرأ الجمهور ( قل ) بصيغة فعل الأمر لمفرد فيكون أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقوله جوابا عن قول المشركين
إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون .
وقرأ
ابن عامر وحفص ( قال ) بصيغة فعل المضي المسند إلى المفرد الغائب فيكون الضمير عائدا إلى نذير الذين قالوا
إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون . فحصل من القراءتين أن جميع الرسل أجابوا أقوامهم بهذا الجواب ، وعلى كلتا القراءتين جاء فعل ( قل ) أو ( قال ) مفصولا غير معطوف لأنه واقع في مجال المحاورة كما تقدم غير مرة ، منها قوله تعالى :
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها في سورة البقرة .
وقرأ الجمهور ( جئتكم ) بضمير تاء المتكلم . وقرأ
أبو جعفر ( جئناكم ) بنون ضمير المتكلم المشارك
وأبو جعفر من الذين قرأوا ( قل ) بصيغة الأمر فيكون ضمير ( جئناكم ) عائدا للنبيء صلى الله عليه وسلم المخاطب بفعل ( قل ) لتعظيمه صلى الله عليه وسلم من جانب ربه تعالى الذي خاطبه بقوله : ( قل ) .
والواو في قوله : ( أولو ) عاطفة الكلام المأمور به على كلامهم ، وهذا العطف مما يسمى عطف التلقين ، ومنه قوله تعالى عن إبراهيم :
قال ومن ذريتي .
[ ص: 190 ] والهمزة للاستفهام التقريري المشوب بالإنكار . وقدمت على الواو لأجل التصدير .
و ( لو ) وصلية ، و ( لو ) الوصلية تقتضي المبالغة بنهاية مدلول شرطها كما تقدم عند قوله تعالى :
ولو افتدى به في آل عمران ، أي لو جئتكم بأهدى من دين آبائكم تبقون على دين آبائكم وتتركون ما هو أهدى .
والمقصود من الاستفهام تقريرهم على ذلك لاستدعائهم إلى النظر فيما اتبعوا فيه آباءهم لعل ما دعاهم إليه الرسول أهدى منهم .
وصوغ اسم التفضيل من الهدي إرخاء للعنان لهم ليتدبروا ، نزل ما كان عليه آباؤهم منزلة ما فيه شيء من الهدى استنزالا لطائر المخاطبين ليتصدوا للنظر كقوله :
وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .