فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين تفريع على جملة
قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ، أي انتقمنا منهم عقب
[ ص: 191 ] تصريحهم بتكذيب الرسل . وهذا تهديد بالانتقام من الذين شابهوهم في مقالهم ، وهم كفار قريش .
والانتقام افتعال من النقم وهو المكافأة بالسوء ، وصيغة الافتعال لمجرد المبالغة ، يقال : نقم كعلم وضرب : إذا كافأ على السوء بسوء ، وفي مثل : هو كالأرقم إن يترك يلقم وإن يقتل ينقم . الأرقم : ضرب من الحيات يعتقد العرب أنه من الجن فإن تركه المرء يتسور عليه فيلسعه ويقتله وإن قتله المرء انتقم بتأثيره فأمات قاتله ، وهذا من أوهام العرب .
والمراد بالانتقام استئصالهم وانقراضهم . وتقدم في قوله تعالى :
فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم في سورة الأعراف .
ولذلك فالنظر في قوله :
فانظر كيف كان عاقبة المكذبين نظر التفكر والتأمل فيما قص الله على رسوله من أخبارهم كقوله تعالى :
قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين في سورة النمل ، وليس نظر البصر ؛ إذ لم ير النبيء حالة الانتقام فيهم .
ويجوز أن يكون الخطاب لغير معين ، أي لكل من يتأتى منه التأمل .
و ( كيف ) استفهام عن الحالة وهو قد علق فعل النظر عن مفعوله .