ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا تصريح بالعلة لتشريع الأمر بالكتابة : بأن الكتابة فيها زيادة التوثق ، وهو أقسط أي أشد قسطا ، أي عدلا ، لأنه أحفظ للحق وأقوم للشهادة ، أي أعون على إقامتها ، وأقرب إلى نفي الريبة والشك ، فهذه ثلاث علل ، ويستخرج منها أن المقصد الشرعي أن تكون الشهادة في الحقوق بينة واضحة ، بعيدة عن الاحتمالات والتوهمات ، واسم الإشارة عائد إلى جميع ما تقدم باعتبار أنه مذكور ، فلذلك أشير إليه باسم إشارة الواحد .
[ ص: 115 ] وفي الآية حجة لجواز تعليل الحكم الشرعي بعلل متعددة وهذا لا ينبغي الاختلاف فيه .
واشتقاق أقسط من : أقسط ، بمعنى : عدل ، وهو رباعي ، وليس من : قسط ؛ لأنه بمعنى جار ، وكذا اشتقاق " أقوم " من أقام الشهادة : إذا أظهرها . جار على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بجواز صوغ التفضيل والتعجب من الرباعي المهموز ، سواء كانت الهمزة للتعدية نحو أعطى ، أم لغير التعدية نحو أفرط ، وجوز صاحب الكشاف أن يكون " أقسط " مشتقا من قاسط بمعنى ذي قسط أي صيغة نسب ، وهو مشكل ؛ إذ ليس لهذه الزنة فعل ، واستشكل أيضا بأن صوغه من الجامد أشد من صوغه من الرباعي ، والجواب عندي أن النسب هنا لما كان إلى المصدر شابه المشتق ؛ إذ المصدر أصل الاشتقاق ، وأن يكون ( أقوم ) مشتقا من : قام ، الذي هو محول إلى وزن فعل - بضم العين - الدال على السجية الذي يجيء منه ( قويم ) صفة مشبهة .