وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله
عطف على جملة
قل إن كان للرحمن ولد والجملتان اللتان بينهما اعتراضان ، قصد من العطف إفادة
نفي الشريك في الإلهية مطلقا بعد نفي الشريك فيها بالبنوة ، وقصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض وهم أصنامهم المنصوبة ، وجعلوا له شركاء في السماء وهم الملائكة إذ جعلوهم بنات لله تعالى ؛ فكان قوله
في السماء إله وفي الأرض إله إبطالا للفريقين مما زعمت إلهيتهم .
وكان مقتضى الظاهر بهذه الجملة أن يكون أولها
الذي في السماء إله على أنه وصف للرحمن من قوله
إن كان للرحمن ولد ، فعدل عن مقتضى الظاهر بإيراد الجملة معطوفة لتكون مستقلة غير صفة ، وبإيراد مبتدأ فيها لإفادة قصر صفة الإلهية في السماء وفي الأرض على الله تعالى لا يشاركه في ذلك غيره ، لأن إيراد المسند إليه معرفة والمسند معرفة طريق من طرق القصر . فالمعنى وهو لا غيره الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، وصلة " الذي " جملة اسمية حذف صدرها ، وصدرها ضمير يعود إلى معاد ضمير " وهو " وحذف صدر الصلة استعمال حسن إذا طالت الصلة كما هنا . والتقدير الذي هو في السماء إله .
[ ص: 268 ] والمجروران يتعلقان بـ " إله " باعتبار ما يتضمنه من معنى المعبود لأنه مشتق من أله ، إذا عبد فشابه المشتق . وصح تعلق المجرور به فتعلقه بلفظ إله كتعلق الظرف بغربال وأقوى من تعلق المجرور بكانون في قول
الحطيئة يهجو أمه من أبيات :
أغربالا إذا استودعت سرا وكانونا على المتحدثينا