ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون
بعد أن أمعن في إبطال أن يكون إله غير الله بما سيق من التفصيلات ، جاء هنا بكلمة جامعة لإبطال زعمهم إلهية غير الله بقوله
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ ص: 271 ] أي سألتهم سؤال تقرير عمن خلقهم فإنهم يقرون بأن الله خلقهم ، وهذا معلوم من حال المشركين كقول
ضمام بن ثعلبة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أسألك بربك ورب من قبلك الله أرسلك ( ، ولأجل ذلك أكد إنهم يقرون لله بأنه الخالق فقال ليقولن الله ، وذلك كاف في سفاهة رأيهم إذ
كيف يكون إلها من لم يخلق ، قال تعالى
أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .
والخطاب في قوله سألتهم للنبيء - صلى الله عليه وسلم - . ويجوز أن يكون لغير معين ، أي إن سألهم من يتأتى منه أن يسأل .
وفرع على هذا التقرير والإقرار الإنكار والتعجيب من انصرافهم من عبادة الله إلى عبادة آلهة أخرى بقوله فأنى يؤفكون .
و " أنى " اسم استفهام عن المكان فمحله نصب على الظرفية ، أي إلى أي مكان يصرفون .
و " يؤفكون " يصرفون : يقال : أفكه عن كذا ، يأفكه من باب ضرب ، إذا صرفه عنه ، وبني للمجهول إذ لم يصرفهم صارف ؛ ولكن صرفوا أنفسهم عن عبادة خالقهم ، فقوله فأنى يؤفكون هو كقول العرب : أين يذهب بك ، أي أين تذهب بنفسك إذ لا يريدون أن ذاهبا ذهب به يسألونه عنه ولكن المراد : أنه لم يذهب به أحد وإنما ذهب بنفسه .