بل هم في شك يلعبون
( بل ) للإضراب الإبطالي رد به أن يكونوا موقنين ومقرين بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما فإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ثابت بل هو كالعدم ؛ لأنهم خلطوه بالشك واللعب ؛ فارتفعت عنه خاصية اليقين والإقرار التي هي الجري على موجب العلم ، فإن العلم إذا لم يجر صاحبه على العمل به وتجديد ملاحظته
[ ص: 285 ] تطرق إليه الذهول ثم النسيان فضعف حتى صار شكا لانحجاب الأدلة التي يرسخ بها في النفس ، أي هم شاكون في وحدانية الله تعالى .
والإتيان بحرف الظرفية للدلالة على شدة تمكن الشك من نفوسهم حتى كأنه ظرف محيط بهم لا يجدون عنه مخرجا ، أي لا يفارقهم الشك ، فالظرفية استعارة تبعية مثل الاستعلاء في قوله
أولئك على هدى من ربهم .
وجملة يلعبون حال من ضمير " هم " أي اشتغلوا عن النظر في الأدلة التي تزيل الشك عنهم وتجعلهم مهتدين ، بالهزء واللعب في تلقي دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكأن انغماسهم في الشك مقارنا لحالهم من اللعب ، ولهذه الجملة الحالية موقع عظيم إذ بها أفيد أن الشك حامل لهم على الهزء واللعب ، وأن الشغل باللعب يزيد الشك فيهم رسوخا بخلاف ما لو قيل : بل هم في شك ولعب ، فتفطن .