وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه
هذا حكاية خطأ آخر من أخطاء حجج المشركين الباطلة وهو خطأ منشؤه الإعجاب بأنفسهم وغرورهم بدينهم فاستدلوا على أن لا خير في الإسلام بأن الذين ابتدروا الأخذ به ضعفاء القوم وهم يعدونهم منحطين عنهم ، فهم الذين قالوا
أهؤلاء من الله عليهم من بيننا كما تقدم في الأنعام ، وهو نظير قول قوم
نوح وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ، ومناسبته لما قبله أنه من آثار استكبارهم فناسب قوله " واستكبرتم " .
واللام في قوله " للذين آمنوا " لام التعليل متعلقة بمحذوف ، هو حال من الذين كفروا تقديره : مخصصين أو مريدين كاللام في قوله - تعالى -
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ، وقوله في الآية
[ ص: 22 ] السابقة
قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين .
وليست هي لام تعدية فعل القول إلى المخاطب بالقول نحو
ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا المسماة لام التبليغ .
والضمير المستتر في ( كان ) عائد إلى ما عاد إليه ضمير
إن كان من عند الله وهو القرآن المفهوم من السياق أو " ما يوحى إلي " .
والسبق أطلق على تحصيل شيء قبل أن يحصله آخر ، شبه بأسرع الوصول بين المتجارين ، والمراد : الأخذ بما جاء به القرآن من العقائد والأعمال .
وضمير الغيبة في قوله سبقونا عائد إلى غير مذكور في الآية ولكنه مذكور في كلام الذين كفروا الذي حكته الآية أرادوا به المؤمنين الأولين من المستضعفين مثل
بلال ،
nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
وسمية ،
وزنيرة بزاي معجمة مكسورة ونون مكسورة مشددة مشبعة وراء مهملة ، أمة رومية كانت من السابقات إلى الإسلام وممن عذبهن المشركون وممن أعتقهن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير : قال عظماء
قريش : لو كان ما جاء به
محمد خيرا ما سبقتنا إليه
زنيرة ، أي من جملة أقوالهم التي جمعها القرآن في ضمير سبقونا .