أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين
يجوز أن يكون اسم الإشارة مشيرا إلى الذي قال لديه هذه المقالة لما علمت أن المراد به فريق ، فجاءت الإشارة إليه باسم إشارة الجماعة بتأويل الفريق .
[ ص: 40 ] ويجوز أن يكون " أولئك " إشارة إلى " الأولين " من قوله
فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين ، وهم الذين روي أن ابن
أبي بكر ذكرهم حين قال : فأين
عبد الله بن جدعان ، وأين
عثمان بن عمرو ، ومشائخ
قريش كما تقدم آنفا . واستحضار هذا الفريق بطريق اسم الإشارة لزيادة تمييز حالهم العجيبة .
وتعريف القول تعريف العهد وهو قول معهود عند المسلمين لما تكرر في القرآن من التعبير عنه بالقول في نحو آية
قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ، ونحو قوله
أفمن حق عليه كلمة العذاب ، فإن الكلمة قول ، ونحو قوله
لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون الآية .
وإطلاقه في هذه الآية رشيق لصلوحية . . . .
وإقحام
كانوا خاسرين دون أن يقال : إنهم خاسرون ، للإشارة إلى أن خسرانهم محقق فكني عن ذلك بجعلهم كائنين فيه .
وتأكيد الكلام بحرف ( إن ) لأنهم يظنون أن ما حصل لهم في الدنيا من التمتع بالطيبات فوزا ليس بعده نكد لأنهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء ، فشبهت حالة ظنهم هذا بحال التاجر الذي قل ربحه من تجارته فكان أمره خسرا ، وقد تقدم غير مرة منها قوله - تعالى -
فما ربحت تجارتهم في البقرة .
وإيراد فعل الكون بقوله
كانوا خاسرين دون الاقتصار على خاسرين لأن ( كان ) تدل على أن الخسارة متمكنة منهم .