قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين
جواب عن قوله
أن لا تعبدوا إلا الله ، ولذلك جاء فعل قالوا مفصولا على طريق المحاورة .
والاستفهام إنكار . والمجيء مستعار للقصد بطلب أمر عظيم ، شبه طرو الدعوة بعد أن لم يكن يدعو بها بمجيء جاء لم يكن في ذلك المكان .
والأفك بفتح الهمزة : الصرف ، وأرادوا به معنى الترك ، أي لنترك عبادة آلهتنا .
وهذا الإنكار تعريض بالتكذيب فلذلك فرع عليه فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فصرحوا بتكذيبه بطريق المفهوم .
[ ص: 47 ] والمعنى : ائتنا بالعذاب الذي تعدنا به ، أي عذاب اليوم العظيم ، وإنما صرفوا مراد هود بالعذاب إلى خصوص عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث وبهذا يؤذن قوله بعده فلما رأوه عارضا وقوله
بل هو ما استعجلتم به . وأرادوا : ائتنا به الآن لأن المقام مقام تكذيب بأن عبادة آلهتهم تجر لهم العذاب .
و " من الصادقين " أبلغ في الوصف بالصدق من أن يقال : إن كنت صادقا ، كما تقرر في قوله - تعالى - وكان من الكافرين في سورة البقرة ، أي إن كنت في قولك هذا من الذين صدقوا ، أي فإن لم تأت به فما أنت بصادق فيه .